تشويش أصاب الدول الغربية، فأصحاب الوسطية يحاولون قدر المستطاع أن يرمموا ما هدمه المتطرفون، والمتطرفون يزايدون على دينهم، يعيثون فساداً في بلاد الله باسم الإسلام، يبيحون القتل على مزاجهم، يرهبون الناس في كل مكان، وهم بأفعالهم هذه، يعطون مساحة للطائفيين والعنصريين والحاقدين على الإسلام ليعلقوا على شماعة فشلهم وحقدهم على الإسلام من أمثال المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي أعلن عن عنصريته للمسلمين منذ البداية.
من قال إن الولايات المتحدة دولة مسلمة، أو دولة ارتدت عن إسلامها! أمريكا دولة حرة تمارس معتقداتها كيفما تشاء، فلماذا يصر بعض المتطرفين على أن تكون أمريكا نهجاً ومناراً للإسلام، ولماذا يترك المتشددون أوطانهم ليقيموا في أوروبا وأمريكا ثم يمارسون الإرهاب فيها ويقتلون الناس من غير وجه حق، فهل الاختلاف في الدين والمعتقد حجة للإرهاب؟ الولايات المتحدة بلد تتعدد فيها الثقافات بلد تمارس بها الحريات، بلد قائم على قوانين كثيرة ينصاع لها غالبية المواطنين والمقيمين عليها، يحترمون القانون مادام القانون يحترم حرياتهم، بلد منفتح فلماذا يقطع الإرهابي مسافات طويلة حتى يمارس الإرهاب على «خلق الله هناك».
عمر متين الأفغاني الأصل الأمريكي الجنسية، لعب دور الحَكم وجعل من نفسه الجلاد في تطبيق الحُكم وأعطى لنفسه دور المنزه من العيوب، أراد بقوته الإرهابية أن يعدل الاعوجاج بطريقته ويجعل الناس كما يريد، يمشون على الصراط المستقيم، «هذه يا عمر مهام الخالق عز وجل وليست مهام المخلوقين»، ولو شاء الله لجعل الناس على دينه يعبدونه الليل والنهار، ولا يعصونه، ولكن قالها القرآن الكريم «لكم دينكم ولي دين»، وبهذه الآية الكريمة تنتهي الاختلافات ويوضع حد للتكهنات على الديانات والعقائد الأخرى، «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء»، فلم تصر هذه الثلة على تدنيس الإسلام بأفعالها التي لا تمت لا للإسلام ولا للإنسانية بصلة؟
في سورة البقرة، يقول سيدنا إبراهيم عليه السلام لأحد طغاة الأرض، «النمرود»، إن الله عز وجل يحيي ويميت، فقال النمرود، أنا أيضاً أحيي وأميت، وإذ به يأتي باثنين من خدمه، يعفو عن أحدهما، ويقتل الآخر، ادعاء منه بالألوهية المطلقة في الحياة والممات، وهذا السيناريو يتكرر كثيراً خصوصاً عند بعض المنظمات الإرهابية، التي تعطي لنفسها الحق في الحياة والممات وفي تكفير الناس، ما لم يكونوا على نهجهم وعقيدتهم التي لاشك في أن ظاهرها وباطنها لا يمتان للإسلام بصلة، فالجنة ليست مبطنة بدم الأبرياء والإرهاب ليس بالعمل الصالح.
عمر الأفغاني خرج من الدنيا مذموماً، خرج من «المولد بلا حمص»، لا يمتلك من الدين غير التشدد مبتعداً عن التسامح والوسطية التي هي أساس الدين، ويبدو أنه لم يفهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، فالتغيير يكون بالنصح والدعوة إلى الخير وليس بالقتل والترهيب «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين».