نصدم من بعض الشخصيات البارزة وبعض المؤسسات الخيرية والجمعيات المعروفة، ونكتشف أن أرصدتهم في البنوك تفوق ملايين الدنانير، وأنهم معرضون للشبهه بسبب المبالغ الضخمة في حسابهم الخاص، من أين جاءت هذه الفلوس وكيف «تحوشت» بهذه السرعة؟ الله أعلم.
الإنسان يتأثر بمن حوله، يتأثر عندما تمر بعض الشعوب بكوارث طبيعية أو تكون تحت رحمة الحروب والنزاعات، فالمسلم وغير المسلم يسارع للتبرع بالمال والبعض بمصوغاته من الذهب والألماس، فدينه وإنسانيته يوجبان عليه ويلزمانه بالمبادرة الفورية، لإيجاد حل حتى وإن كان الحل مؤقتاً، قليل من المتبرعين من يتابع أين تذهب تبرعاتهم وهل بالفعل تجمع وتعطى إلى الفئة المنكوبة؟ أم أنها تودع لحسابات إرهابية أو حسابات خاصة ينتفع بها «اللي جمع الفلوس»، وأودع التبرع الضخم في حسابه بدلاً من أن يعطيه إلى المحتاج أو الشعب المنكوب.
النوايا الحسنة في تقديم المساعدة والتبرعات لا تكفي، تخيل الفرد الواحد - ويا كثر أصحاب الأيادي البيضاء التي تعطي بسخاء - يقدم صدقات وكفالة أيتام وزكاة، كلها أموال تعطى لأفراد وجمعيات بنية طيبة ترجو من الله القبول، غير الصناديق الخيرية الموجودة في بعض البرادات والسوبرماركت التي تملأ من قبل زبائن المحل، ولا شك في أنه في شهر رمضان تكثر فيه الصدقات والعطاءات فهو شهر الخير والبركات، لذلك النية البريئة لا تكفي بل على المتبرع أن يتيقن تماماً بأن أمواله تذهب إلى القنوات الصحيحة، إلى الفقراء والمحتاجين وليست إلى حسابات وهمية أو جماعات إرهابية.
علامات استفهام كثيرة وشكوك حول أين تذهب أموال التبرعات والصدقات، مؤسسات وجمعيات خيرية تقود حملات كبيرة لجمع التبرعات خصوصاً بعد الصلاة في المساجد، فالناس يحبون أن يتبرعوا ويتصدقوا حتى وإن كانوا يملكون القليل، صحيح أن الله أعلم بالنوايا وأن الأجر حاصل حتى وإن سرقت التبرعات أو وضعت في غير مكانها، يبقى أن هناك أشخاصاً تم استغفالهم، وتبقى الجماعة المحتاجة لا تصلها أموال المتصدقين، ولا يزال الفقير فقيراً محتاجاً ولا يزال السارق يبتز أصحاب الأيادي البيضاء في التبرعات الوهمية، أو ربما تعطي هذه المؤسسات الخيرية جزءاً من المال إلى المحتاجين وليس كل المال، وهذا بالتأكيد يسمى سرقة ونصباً ويجب على الجهات المعنية مراقبتها والكشف عنها.
هناك علامات استفهام أخرى عن البنوك، أليست البنوك جهة معنية تراقب دخول وخروج الأموال الضخمة والأرصدة الكبيرة؟ علمي بالبنوك أنها تسأل عن ألف أو ألفين، عندما تودعهم في البنك، وتسألك من أين حصلت عليهم؟ «يحسسونك» بأن المبلغ مليون دينار «مو ألفين»، طيب أصحاب الملايين اللي كل شهر تدخل في حساباتهم الآلاف وهم ليسوا بأصحاب تجارة كبرى، لماذا لا تراقب البنوك مصدر هذه الأموال وتقول لهم «من أين لك هذا يا هذا»، لأننا بصراحة تفاجأنا بأن فلاناً عنده ملايين.
بعض الناس، لا يهتم إن كانت أمواله حلالاً أو حراماً، أو أنه يأكل من مال غيره من مال الفقراء والمحتاجين، مبدؤه أن القانون لا يحمي المغفلين، والمغفل هو من يضع صدقاته في مكان من غير أن يتحرى بأن تبرعاته تصل إلى أصحابها ومستحقيها، نحب أن نعطي وأن نتبرع، ولكن يجب أن نراقب أين تذهب أموال المتبرعين، الحكومة بجهاتها المتعددة يجب أن تراقب وتحاسب وتسأل من أين لك هذا، وعلى المتبرع أيضاً أن يراقب ويسأل وإلا فإنه سيكون شريكاً في الإرهاب أو شريكاً في انتشار الفساد، فيما أشخاص انساقوا وراء هتافات حتى أصبحوا ضمن خلية إرهابية، وكذلك الحال بالنسبة للأموال، لا نريد أن تكون في أيادي من يحاربنا ليل نهار.