إثر القرارات الحازمة والحاسمة التي اتخذتها الحكومة أخيراً والإجراءات المتتالية التي لفتت إلى قدرة الدولة على التعامل مع كل المتغيرات والمستجدات ومع كل الملفات لحماية نفسها وشعبها صار الكل يسأل عن الذي يجري في البحرين وأسبابه وتوقيته، وصار الكل يحاول أن يجد تفسيراً لكل هذا معتمداً على ما بيده من معلومات. أما المحللون فشرقوا وغربوا ووصل بعضهم حد الزعم أن «البحرين حصلت على ضوء أخضر من الولايات المتحدة وبريطانيا وعلى دعم من السعودية والإمارات لضرب «المعارضة» وتفتيتها وإغلاق هذا الملف نهائياً»، وكأن قرار البحرين بيد الآخرين وليس بيدها، بينما شطح الخيال ببعض آخر فوصل حد تدبيج مقالات اعتمدت على فرضيات بعيدة عن الواقع أدخل فيها أوباما وبايدن وكيري وهيلاري كلينتون وكاميرون، بل وآخرون تركوا هذه الدنيا الفانية منذ وقت قصير أو طويل، ولم يتردد عن القول إن الهدف من كل هذا الذي يجري هو ضرب الشيعة في البحرين وفي المنطقة!
ليس هناك أي شيء من هذا القبيل، ولا ضوء أخضر ولا بني ولا بنفسجي، كل ما هناك هو أن الحكومة وصلت إلى حد قدرت فيه أن استمرارها في الأسلوب الذي اعتمدته طوال السنوات الخمس ونيف الماضيات لم يعد مناسباً لهذه المرحلة وأنه صار لابد من وضع حد لاستهتار بعض الجماعات التي من الواضح أنها لا تحسب حساب الأحداث والتطورات الجارية في المنطقة ولا تعرف مدى تأثيرها على الوطن وعلى حياة المواطنين في البحرين ومستقبلهم. عدا أن لكل مشكلة نهاية، وطالما أن الحلول التي تم تجريبها لم توصل إلى نهاية لهذه المشكلة التي مل المواطنون منها ولم يعودوا يشكون أبداً في أن اللعبة تدار من الخارج وتحديداً من إيران، لذا صار لابد من اللجوء إلى الخيار الأصعب والذي يؤمل أن يضع حداً لكل ذلك الاستهتار بالأرواح وبالمكتسبات.
لا شيء غير هذا يحدث اليوم في البحرين، هذه هي المشكلة وهذا هو الحل، ولا شيء غير هذا سوى التضخيم الذي من الطبيعي أن يلجأ إليه المتضررون من هكذا معالجات ليظهروا أنفسهم وكأنهم الضحية ومن وقع عليهم الظلم، مستفيدين من الدعم الإعلامي الذي لا يزال يوفره لهم إيران وبعض المنظمات الحقوقية التي تفتقد للموضوعية فتنحاز إلى من يذرف الدموع أمامها ويتمسكن.
سعة صدر القيادة وما تتمتع به من حكمة وقدرة على الصبر هما العاملان اللذان أديا إلى تأخر الدولة عن اختيار هذا الطريق الذي يجزم الكثيرون أنه تأخر سلكه طويلاً، لذا فإن الجميع أيد الخطوة ولم يضق بها سوى من يعتقد أنها تقطع الطريق عليه وعلى أحلامه.
كل الإجراءات التي اتخذتها الدولة أخيراً إجراءات طبيعية ومطلوبة وهي ليست كما وصفها البعض بالحرب على «المعارضة» ولا تثير «القلق»، كما أنها ليست هجمة على علماء الدين الشيعة كما حاول البعض أن يشيع، ذلك أن كل الإجراءات التي تمت، تمت بشكل قانوني وبالأسلوب المعتمد في دولة المؤسسات.
غير الطبيعي هو تحريض العامة وتوصيل الرسائل المغلوطة إليهم بغية شحنهم وإثارتهم ودفعهم إلى الخروج في مظاهرات والقيام بأعمال التخريب وقطع الشوارع، وغير الطبيعي هو التصريحات المتتالية التي استعان أصحابها بكل ما يتوفر في أرشيفهم من كلمات بذيئة قالوها عن البحرين عبر الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية، وغير الطبيعي هو القول إن الإجراءات التي اتخذتها الدولة تدخل في غير الطبيعي.
ما يحدث في البحرين بعيد عن كل تلك التحليلات الفقيرة وهو لا يعكس تراجعا عن الحقوق والحريات السياسية كما يحاول البعض ترويجه، فالمكاسب التي تحققت لا يمكن التفريط فيها.