«إن البحرين ملك ورثناه عن أجدادنا، وليس بيننا شروط لأن نكون رعية الإنجليز، ولم أظهر أي سبب لذلك غير الصداقة، وليس للإنجليز أن يتعدوا علينا، فإن كنتم تشرعون في حرب القوة والاقتدار فإننا سنبذل كل ما في وسعنا في سبيل ملكنا وأهلنا وعيالنا وديننا وليحصل بعد ذلك ما يحصل».
عبدالله بن أحمد الفاتح آل خليفة
1835م
هكذا تحددت طبيعة السياسة الخارجية لمملكة البحرين، سياسة رسمت أطر العلاقة مع أي قوة أجنبية، إنجليزية كانت سابقاً أو أمريكية لاحقاً، بما تتطلبه المصالح المشتركة، لا يغيرها أن تكون «المصالح المشتركة» مصطلحاً بديلاً «للصداقة» إنما بقيت تلك سياسة ثابتة على أهم ركائزها وهي الاعتزاز والكرامة والرفعة وحفظ السيادة البحرينية، منذ زمن عبدالله بن أحمد الفاتح إلى اليوم زمن حمد بن عيسى آل خليفة، ونتمنى أن تحافظ عليها جيلاً بعد جيل، سياسة تشترط احترام البحرين واحترام شأنها الداخلي وتمنع منعاً باتاً أن يفرض عليها أحد ما يخالف قانونها وما يهدد أمنها.
لذلك فإن البحرين اليوم تخوض عام 2016 المعركة ذاتها لحفظ سيادتها ودستورها وقانونها وتتصدى لمحاولات دول أجنبية أن تتدخل في شؤونها كما فعلت قبل 200 عام لتفرض عليها «جماعة» تحالفت معهم في مشروع يستهدف جميع دول مجلس التعاون لا البحرين فحسب، يعمل على تمكين تلك الجماعة من مقدرات الشعوب الخليجية لا البحرين، وتتحمل البحرين نيابة عن دول الخليج في تصديها لهذا المشروع مسؤولية أمنهم وسلامتهم، بذات الروح التي استلهمتها فترد كما ردت قبل 200 عام على الضغوط التي تبدي قلقها على تطبيق البحرين لقانونها «إننا سنبذل كل ما في وسعنا في سبيل ملكنا وأهلنا وعيالنا وديننا وليحصل بعد ذلك ما يحصل».
البحرين تقوم وحدها بما يقوم به التحالف العربي الذي يخوض حرباً في اليمن لدحر ذات الجماعة ومنعها من التغول والاستيلاء على السلطة، رغم أنها حاولت أن تتجنب هذه الإجراءات، ورغم أنها كانت تخوض مع هذه الجماعة حرباً داخلية منذ عشرين عاماً منذ 1995، وهذه الجماعة تحاول أن تسقط الدولة وتقيم جمهوريتها «الإسلامية»، لكنها صبرت وحاولت البحرين دمجهم واحتواءهم ومنحتهم كافة الحقوق السياسية والمدنية ومنحتهم الامتيازات، بل ثم تجاوزت من أجل إرضائهم وإقناعهم بأن الدولة في صفهم لا ضدهم، إنما دون فائدة.
خمسة عشر عاماً بدلت البحرين سياستها وبيضت سجونها وأعادتهم من المنافي ومنحتهم كل الامتيازات التي كانت أحياناً على حساب حقوق الآخرين، خمسة عشر عاماً البحرينيون يتحملون ما لا يطيقون من أجل احتواء قيادات الجماعة دون فائدة، فلا هم اعترفوا بالدولة ولا اعترفوا بالدستور ولا اعترفوا بالقانون، ومازالت قياداتهم الدينية الوكيلة عن قائد القوات المسلحة الإيرانية العائدة من المنافي والخارجة من السجون تعلن أنها غير ملزمة بقوانين الدولة وإن كانت قوانين للرقابة فقط!!
قدر البحرين أن تتحمل عبء صيانة وحماية القلعة الخليجية وحصنها الحصين، كما قال وزير الإعلام البحريني، والبحرين اليوم حين تطبق القانون وتعيد الأمور لنصابها إنما تفعل ذلك من خلال أدوات دستورية وهذا حقها، فإنها تفعل ما تفعله أي دولة في العالم، لكن لأن المشروع يهدف لتمكين هذه الجماعة تحديداً في العراق والبحرين وبقية دول الخليج، فإن البحرين تواجه وحدها كل الضغوط الدولية المتحالفة مع هذه الجماعة.
وكما كانت البحرين عبر التاريخ منذ أحمد الفاتح إلى اليوم قلعة العروبة الخليجية وحصنها عصية على كل من عاداها، قادرة أن تكمل المسيرة بعد تصحيح المسار، وقادرة على حماية أمن الخليج بإخضاع الجميع لدستور مملكة البحرين وقانونها «وليحصل بعد ذلك ما يحصل».