أياً كانت الأسباب والمبررات فإن قرار تعطيل صلاة الجماعة وصلاة الجمعة كالذي دعا إليه بعض أئمة المساجد واستجاب له قليل من المصلين الأسبوع الماضي قرار خاطئ وتمت إدانته من قبل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي أصدر بياناً قوياً استنكر فيه هذا الأمر، وأكد أنه «يتعارض مع الدين الإسلامي الحنيف وأحكامه الثابتة»، ورأى أنه «ابتداع واضح في الدين لم تشهده أمة الإسلام من قبل، وبادرة غريبة للغاية ليس في تسييسها للمساجد والجوامع فقط، وإنما في تدنيس قدسيتها أيضاً»، فأي تفكير هذا الذي يقود إلى إلغاء صلاة الجماعة أو الجمعة وفي شهر الله؟من المهم التأكيد هنا على أن القليل وليس الكل استجاب لهذه الدعوة الغريبة والناتجة عن خلط مثير بين الدين والسياسة، فجامع عالي الكبير مثلاً أقيمت فيه صلاة الجمعة كما في كل أسبوع بإمامة فضيلة الشيخ ناصر العصفور ولم يلحظ أي تغيير حتى في أعداد المصلين كما توقع البعض أو تمنى. وأياً كانت نسبة صحة المعلومات التي وردت في البيان الذي صدر باسم «أئمة مساجد الشيعة» ودعي من خلاله إلى «مقاطعة الصلاة» التي هي عمود الدين، و»كتاباً موقوتاً» فإن الواجب على كبار علماء الطائفة في الداخل والخارج أن يمنعوا مثل هذا العبث، فلا علاقة للصلاة بالأمور السياسية، وتعطيل الصلاة لا يحقق أي مكاسب ولا يمنع الجهات الرسمية من القيام بدورها وواجبها، فاستدعاء بعض رجال الدين والتحقيق معهم أو حتى حبسهم لا يمكن أن يتوقف بتنفيذ إضراب عن الصلاة، فلا علاقة بين الأمرين أبداً. التوقف عن أداء الصلاة لا يؤدي إلى توقف السلطة عن القيام بدورها الرامي إلى تحقيق الأمن والأمان للجميع، وما جاء في البيان المذكور عن سعي السلطة إلى «مضايقة أئمة الجماعة ومحاولة الهيمنة على الشأن الديني» غير صحيح، وليس دليله منع رجل دين من الإمامة لفترة معينة لأسباب معينة. الصحيح الوحيد في الموضوع هو أن الذين تأخروا عن الصلاة في اليومين الماضيين في محاولة منهم لإنجاح القرار الخاطئ كانوا هم الخاسرين، وكان مؤلماً القول باسم أئمة المساجد إنهم يستحقون الإشادة على فعلهم الخاطئ هذا. ليس عدلاً خلط الدين بالسياسة، والفكرة المجنونة التي سعى البعض إلى إنجاحها هي من عمل الشيطان، فالشيطان وحده الذي يهمه تعطيل الصلاة وصرف المؤمنين عنها، وما حدث يشبه قيام الشخص بضرب نفسه تعبيراً عن غضبه من موقف معين. ليس صحيحاً أيضاً أن فئة من المواطنين صاروا «يستشعرون عدم الأمان إزاء إقامتهم لصلاة الجمعة والجماعة» كما جاء في البيان المذكور، فالشعائر – كما جاء في تصريح صدر بهذه المناسبة لإدارة الأوقاف الجعفرية – محترمة ومعتبرة والدولة تصون دور العبادة بنص الدستور. وهذا واضح للجميع. كان الأولى بمن قادوا حملة «تعطيل الصلاة كتعبير عن الاحتجاج على استدعاء بعض رجال الدين» أن يقودوا حملة «للنأي عن كل ما يشق وحدة الصف الوطني خصوصاً في ظل التعقيدات الأمنية والظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة والعالم والحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي»، كما جاء في تصريح الأوقاف الجعفرية، وكان الأولى من القيام بذاك التصرف غير المنطقي التنادي للتفكر في طريقة تحفظ للوطن أمنه وتسهل تحقيق المطالب التي تهم كل المواطنين. الإجراءات الأخيرة التي قامت بها الحكومة ترمي بها إلى وضع نقطة في نهاية السطر الذي ظل مفتوحاً على مدى ست سنوات وأدى غيابها إلى تضرر الجميع من دون استثناء. هذه الإجراءات لن تتوقف لهذا السبب ولأنها تتم بشكل قانوني، لذا فإن محاولة وقفها مسألة غير ممكنة، وهي غير ممكنة أيضاً باتخاذ موقف من الصلاة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90