قلناها مراراً في السابق، بأن النظام الإيراني من «أغبى» الأنظمة في زراعة الجواسيس والعملاء في الدول التي يستهدفها، لأنه ببساطة شديدة وبسهولة أشد سرعان ما يكشفهم ويفضحهم عند أي تطور، ومن خلال ردات فعل «غبية».
لعقود طويلة، ولسنوات ممتدة «استمات» عملاء إيران في البحرين، من خونة وطوابير خامسة وشخصيات «متلونة» تمارس «التقية» و»النفاق» السياسي، استماتوا بل «استذبحوا» في سبيل نفي ارتباطهم وعلاقتهم بإيران، حلفوا أغلظ الأيمان، وأقسموا بأن إيران لا علاقة لها بهم وبما يفعلونه. لكن المضحك، بأن إيران دائماً ما تضرب عملاءها وطوابيرها بـ»نيرانها الصديقة» وبكل «سذاجة»، فتكشف بشكل واضح وفاضح ارتباطهم بها، بل وتؤكد بشكل «كوميدي» ارتباطهم الوثيق بها، في مشهد هزلي ترى فيه الخائن والعميل قد بح صوته وهو يقول «لا علاقة لي بإيران»، بينما يخرج المسؤولون الإيرانيون مثل قطع «الدومينوز» في تصريحات متلاحقة مفادها بأن «فلاناً منا ولن نقبل بالإساءة إليه».
هذا السيناريو «الهزلي» حصل أمس الأول وتواصل أمس، بعد إعلان سحب الجنسية عن ممثل خامنئي في البحرين عيسى قاسم مرجع جمعية «الوفاق» الانقلابية، إذ لم يقصر المسؤولون الإيرانيون سواء في أجهزة خامنئي الرسمية أو في فيالقه العسكرية أو أحزابه الدموية، لم يقصروا في «كيل الصفعات» لعيسى قاسم، واحدة تلو الأخرى.
إذ بينما يحاول الوفاقيون والانقلابيون وكل ناعق وصادح ومحسوب على الإعلام الأصفر الذي خرس أمس خرساً واضحاً خوفاً من القانون، بينما يحاول كل هؤلاء «سلخ» عيسى قاسم عن كل ارتباط يوصله بإيران، أكد الإيرانيون بكل قوة أنه عيسى قاسم «منهم وفيهم»، وأن مرجع الوفاق «محسوب على إيران»، بل استمات المسؤولون الإيرانيون في الدفاع عنه، وكأنه «مواطن إيراني» اختطفته البحرين! احسبوا معنا هنا، ولنضحك في نفس الوقت على «الغباء» في العمل الاستخباراتي الإيراني، إذ لا أحد يفضح عميله بهذه الصورة الصريحة، والتي منحت البحرين دلائل إضافية وشواهد تضاف لسابقاتها لتؤكد ضلوع إيران في استهداف البحرين وزعزعة أمنها.
وزارة الخارجية الإيرانية أول الصارخين دفاعاً عن «عميلهم المخلص»، إذ أدانت في بيان سحب البحرين لجنسية قاسم، واعتبرته قراراً تعسفياً، ودعت للحوار وإنهاء هذه التصرفات غير القانونية، حسب وصفها. يأتي بعدهم المتخصص في استهداف البحرين رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني ليصرح بأن «البحرين وضعت حداً لإنهاء نظامها بسحب جنسية قاسم»! واعتبرها «جريمة ضد الإنسانية». وفي مطلب غريب ونادراً ما يصدر عن شخص مثل لاريجاني، ناشد رئيس مجلس الشورى الإيراني «الأمريكان والبريطانيين ليتدخلوا في المسألة»، معتبراً أنهم «في اختبار لتأكيد مزاعمهم بشأن حماية حقوق الإنسان»!
لكن القنبلة كانت من قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، جنرال الدم قاسم سليماني، والذي هدد صراحة بأنه «ستظهر مقاومة مسلحة في البحرين بعد تجريد عيسى قاسم من الجنسية»، وصفها «بمقاومة دامية»، وأنه «ستكون هناك أعمال عنف»، مشيراً إلى أن قاسم «خط أحمر». تصريح سليماني بحد ذاته تناقلته وكالات الأنباء العالمية تتقدمها الـ»بي بي سي»، وهذا أمر إيجابي جداً، إذ المطلع على التصريح المنقول عبر وكالة عالمية، بالضرورة سيتساءل مستغرباً: ولماذا يصرح قائد عسكري إيراني منفعلاً ويهدد ويتوعد بسفك الدم وأعمال عسكرية في البحرين بسبب قيام الحكومة بسحب جنسية أحد مواطنيها بسبب تجاوزات للقانون قام بها؟!
وبنفس المضمون صرح المساعد السياسي لمكتب الرئاسة الإيرانية حميد أبوطالبي، معرباً عن «قلق بلاده من سحب جنسية عيسى قاسم»!
في حين اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي أن «إسقاط جنسية قاسم انتهاك للعهود الدولية، وأن هذا الإجراء بداية لانهيار النظام البحريني»! ووصف القرار بأنه «خطأ استراتيجي كبير»!
طبعاً «أذيال» النظام الإيراني وأتباعهم تطابق لسانهم مع لسان أسيادهم، فالنائبة العراقية فردوس العوادي اعتبرت سحب جنسية «آية الله» قاسم -بحسب وصفها بالصفة التي منحه إياها خامنئي إيران- اعتبرتها «سابقة تتجاوز كل الأعراف الدولية والقيم الإنسانية»، مشيرة إلى أن «الحراك السلمي سيتحول حراكاً ينتزع الحقوق»، في إشارة لاستخدام العنف.
وفي تصريح «غريب عجيب» قال رئيس كتائب «حزب الله» العراق السيد هاشم الحيدري إن «المساس بآية الله قاسم هو مساس بالإسلام وبكل المسلمين». لكن المثير ما حصل في «قم» بإيران، من تجمع لعدد ممن وصفتهم الوكالات الإيرانية بـ«علماء البحرين»، هم موجودون وقاطنون ومعسكرون هناك في الأراضي الإيرانية، قاموا بوقفة تضامنية مع قاسم، معتبرين ما حصل له «تعدياً على آل البيت».
طبعاً لا ننسى تصريحات «حزب الله» وبقية الجوقة الإيرانية، وبانتظار طبعاً تصريحات «كبيرهم» خامنئي، الذي منح عيسى قاسم صفة «آية الله».
حتى لا نسهب في سرد معلومات تاريخية معروفة، يمكن لمن يجهلها الرجوع للبحث عن تاريخ عيسى قاسم في إيران، ودراسته هناك، وهروبه لها بعد أحداث البحرين في الثمانينات والتسعينات، وكيف أنه بديهياً حينما سيعود سيكون «عميلاً مخلصاً» لخامنئي ونظامه.
لكن بيت القصيد هنا، بأن كل من يريد ممارسة الفلسفة على البحرين من «جاهلين» بتفاصيل الأمور أو «مدعين للجهل» بشأن الأطماع الإيرانية لبلادنا، يكفي أن نرمي في وجوههم «كمية التصريحات الإيرانية» التي صدرت تدافع عن قاسم وكأنه مواطن إيراني مقبوض عليه في دولة أخرى. وبعدها إن أصر بعضهم على براءة إيران من استهداف البحرين، وأن «الطوابير الخامسة» و»العملاء» لدينا هم «حمامات سلام»، حينها سيفضح هؤلاء نوعية ومستوى ضلوعهم في دعم الاستهداف الإيراني للبحرين، أو مساعيهم لتمكين «خناجر الداخل» من مسك مقدرات بلادنا.
مارست البحرين حقها في محاسبة «مواطن متجاوز للقوانين»، فصرخت إيران من قمة رأسها!
وما بعد هذا الإثبات من أي إثباتات أخرى، عميلهم سقط، بالتالي مشروعهم سقط.