ردود الفعل تجاه إغلاق جمعية «الوفاق» وما تلاه من سحب الجنسية البحرينية من عيسى قاسم كانت من الأحداث المهمة والبارزة خلال الأيام القليلة الماضية، وردود الفعل تلك ليست غريبة علينا، فلقد اعتدنا على حشر دول مثل إيران لأنفها في شؤوننا الداخلية.
ندرك جيداً أن البحرين ستتعرض لضغط من الخارج، من دول لم تتمنَ لنا يوماً العيش في سلام، فإيران متربصة بنا، والمحسوبون عليها يهددون ويتوعدون البحرين بعد سحب جنسية قاسم وإغلاق جمعية «الوفاق»، ويشمل ذلك ما يسمى بـ»حزب الله»، وبعض الدول التي اختطفتها إيران، ودول أخرى لها مصالح مشتركة مع إيران في جعل البحرين ودول الخليج العربي تعيش في قلق دائم ولا تنعم بالأمن والاستقرار والسلام، ولكن الحل في مواجهة تلك الضغوط هو الثبات على الموقف، وعدم الخنوع أو الخضوع لأي ضغط من أي نوع.
إن البحرين لم ترتكب جرماً ولم تتعدَ على الآخرين، بل دافعت عن حرية شعبها، وأبعدت عنه من حاول لمرات عديدة زجه في أتون الطائفية البغيضة، وشق الصف الواحد للمملكة بالفتنة والتحريض، والبحرين تمسكت وثبتت على مبادئها وقوانينها ودستورها، وهذا ما نحتاج إلى إظهاره للعالم في المرحلة المقبلة، حتى وإن كانت الدولة تعمل على ذلك، لكننا نحتاج إلى زيادة الجرعات خاصة الإعلامية في الدفاع عن مواقفنا، ولدينا في سبتمبر المقبل فعالية دولية مهمة متمثلة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انتخبت مؤخراً رئيساً جديداً لدورتها الـ»71» بمشاركة أكثر من 190 دولة.
أدرك أن الحكومة الموقرة تعلم جيداً أهمية ذلك الاجتماع الدولي، ولكني أتمنى أن نكون مبادرين في الدفاع عن حقوقنا ومواقفنا، وألا ننتظر أن يكون دورنا مجرد «ردة فعل» على تهم -سواء بحسن أو بسوء نية- قد يتفوه بها آخرون ضدنا، لذلك نحتاج إلى روح المبادرة، فالمغرضون والمحرضون والحاقدون على وطننا لن ينتظرونا، فلهم أيضاً أساليبهم الملتوية في قلب الحقائق، وإشاعة الباطل وتشويه صورة وطننا أمام العالم أجمع، ونحن لدينا الحجج والبراهين الكافية والدامغة ضد من يتهمنا زوراً وبهتاناً، فنحن دولة نظام وقانون، ولا نحتاج لقوانين من دول أخرى لتطبيقها على دولتنا، فلدينا من القوانين ما يكفي لأن نعيش في سلام ووفاق بعيداً عن عيسى قاسم و»الوفاق».
إن إغلاق «الوفاق» وسحب الجنسية عن قاسم، هو إغلاق لباب كبير للفتنة، وإطفاء لنار الطائفية التي عانينا من إشعالها لسنوات طويلة بسبب وجود تلك الجمعية ومن هم محسوبون عليها وعلى فكرها الطائفي الشاذ في سعيها الدائم لتقسيم البلاد إلى فسطاطين، والعمل ضد مصالح البحرين، وتنفيذ أجندات إيران وأهدافها المكشوفة للجميع، لقد صبرت البحرين كثيراً على المصائب التي جاءتنا من هؤلاء، ذلك على أمل العدول عن أفكارهم، والعودة إلى طريق الصواب، ولكنهم للأسف لم يتغيروا واستمروا في السير على نهجهم المرفوض، لذلك لم يكن هناك سوى تلك الحلول، فلا بد مما ليس له بد.
أما في الوقت الراهن، فهناك واجب وطني كبير، على عقلاء البلاد من الطائفتين الكريمتين اتخاذه، والمتمثل في التصدي لكل من حاول وسيحاول التحريض على هذا الوطن وقيادته الحكيمة، فالإعلام الغربي المأجور منه وقليل من العربي، لن يستكين، وسيعمل على دس السم في العسل، ومعاول الهدم الطائفية لن يغمض لها جفن، للضرب على جدار وحدتنا الوطنية، ونحن أيضاً كشعب متماسك لن نتوقف عن الدفاع عن كل ما تعلمناه من آبائنا وأجدادنا، بأن البحرين نسيج واحد وشعب واحد، لا يفرقنا في حب الوطن وقيادته دين أو طائفة أو مذهب، فهذا ما عهدناه وما عاهدنا الله عليه، فالبحرين لا تقبل القسمة على اثنين لأننا شعب واحد متماسك، يحكمنا ملك واحد هو جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله.