نرى اليوم في أمريكا ميولاً غير مسبوقة، تتمثل في انقسام الحزب الديمقراطي حول إسرائيل. إسرائيل التي حصلت في السابق على الدعم غير المشروط من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأيضاً على دعم مرشحيهما، نرى اليوم تبايناً في وجهات النظر تجاهها. ويعود هذا الانقسام إلى المرشح بيرني ساندرز اليهودي الذي ينتقد بشدة وبصراحة غير مسبوقة إسرائيل وإساءتها معاملة الفلسطينيين. المفارقة أنه يوجد أحد بتلك الجرأة واستطاع أن ينتقد إسرائيل وأن يصل إلى ما وصل إليه ساندرز، وهو الذي كان ينافس المرشحة هيلاري كلينتون على ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية. واللوبي الإسرائيلي الذي استطاع في السابق أن يقضي على الحياة المهنية لأي سياسي يعترض على سياسات إسرائيل لم يستطع حتى الآن أن يقف بوجه صعود ساندرز. وقد أصدرت صحيفة «ذي هيل» وهي النشرة الإخبارية للكونغرس، مقالاً عنوانه «الديمقراطيون منقسمون تجاه إسرائيل»، ويشير المقال إلى الانقسامات في صفوف الديمقراطيين تجاه إسرائيل، والذي يعود إلى موقف ساندرز الذي ينتقد إسرائيل. وهذا التحول في الموقف من إسرائيل يتعدى فقط جرأة ساندرز ويعود لعدة عوامل منها أن جرائم إسرائيل أصبحت أكثر انكشافاً للعالم، فلم يعد باستطاعة الشبكات الإعلامية الكبرى التي يسيطر عليها رجال أعمال متعاطفون مع إسرائيل أن تخفي إجرام تل أبيب، وذلك لأن الحقائق أصبحت من السهل نشرها بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعي. والسبب الثاني يعود إلى غطرسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويمينه المتطرف الذي يجاهر بالعنصرية ضد الفلسطينيين. ومن الأسباب أيضاً بزوغ نجم منظمات يهودية تناهض تصرفات الحكومة الإسرائيلية، ومنها الصوت اليهودي للسلام. وما يجب للعرب أن يفطنوا إليه هي الفرصة التي يمثلها هذا التغيير في الخطاب العام، فلطالما كان هدف إسرائيل الأول هو تشويه صورة العرب، لأنه كما قال توماس فريدمان في كتابه الشهير «من بيروت إلى القدس»، إن إسرائيل تسعى دائماً لرسم الصراع في ذهن الأمريكيين ليس كصراع على الحدود والسيادة بل كصراع بين الخير والشر، وكصراع بين التحضر والهمجية. وفي هذه الصورة التي ينسجها اللوبي الإسرائيلي يمثل العرب الهمجية، بينما يمثل الإسرائيليون التحضر، وبالرغم من أن اليوم إيران تمثل الخطر الداهم، يجب ألا ننسى العنصر الأساس خلف تشويه صورة العرب والخليج في أمريكا وهي إسرائيل. وفي مقال سابق نشر في الصحيفة للكاتب المخضرم د.ظافر العجمي قال: «نحن «الخليج» الذريعة التي يبحث عنها كل مرشح لإرضاء «أيباك» لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية»، وذلك في الإشارة إلى الملامة التي ألقاها مسؤولون أمريكيون على دول الخليج على عمل إرهابي قام به مواطن أمريكي من أصل أفغاني في أورلاندو. ولذلك يجب ألا نغفل عن الدور الذي تلعبه إسرائيل بشكل مستدام في شيطنة العرب والخليج. ولذلك هذا التحول الجزئي في الرأي العام يشكل فرصة ذهبية للعرب لتحسين صورتهم في أمريكا ولإظهار للشعب الأمريكي حقيقة إسرائيل كدولة عنصرية لا تحترم الحريات ولا تمت للمبادئ الديمقراطية بصلة. والسؤال هل سيقتنص العرب هذه الفرصة في مواجهة خطر البروباغندا الصهيونية؟
{{ article.article_title }}
نرى اليوم في أمريكا ميولاً غير مسبوقة، تتمثل في انقسام الحزب الديمقراطي حول إسرائيل. إسرائيل التي حصلت في السابق على الدعم غير المشروط من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وأيضاً على دعم مرشحيهما، نرى اليوم تبايناً في وجهات النظر تجاهها. ويعود هذا الانقسام إلى المرشح بيرني ساندرز اليهودي الذي ينتقد بشدة وبصراحة غير مسبوقة إسرائيل وإساءتها معاملة الفلسطينيين. المفارقة أنه يوجد أحد بتلك الجرأة واستطاع أن ينتقد إسرائيل وأن يصل إلى ما وصل إليه ساندرز، وهو الذي كان ينافس المرشحة هيلاري كلينتون على ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية. واللوبي الإسرائيلي الذي استطاع في السابق أن يقضي على الحياة المهنية لأي سياسي يعترض على سياسات إسرائيل لم يستطع حتى الآن أن يقف بوجه صعود ساندرز. وقد أصدرت صحيفة «ذي هيل» وهي النشرة الإخبارية للكونغرس، مقالاً عنوانه «الديمقراطيون منقسمون تجاه إسرائيل»، ويشير المقال إلى الانقسامات في صفوف الديمقراطيين تجاه إسرائيل، والذي يعود إلى موقف ساندرز الذي ينتقد إسرائيل. وهذا التحول في الموقف من إسرائيل يتعدى فقط جرأة ساندرز ويعود لعدة عوامل منها أن جرائم إسرائيل أصبحت أكثر انكشافاً للعالم، فلم يعد باستطاعة الشبكات الإعلامية الكبرى التي يسيطر عليها رجال أعمال متعاطفون مع إسرائيل أن تخفي إجرام تل أبيب، وذلك لأن الحقائق أصبحت من السهل نشرها بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعي. والسبب الثاني يعود إلى غطرسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويمينه المتطرف الذي يجاهر بالعنصرية ضد الفلسطينيين. ومن الأسباب أيضاً بزوغ نجم منظمات يهودية تناهض تصرفات الحكومة الإسرائيلية، ومنها الصوت اليهودي للسلام. وما يجب للعرب أن يفطنوا إليه هي الفرصة التي يمثلها هذا التغيير في الخطاب العام، فلطالما كان هدف إسرائيل الأول هو تشويه صورة العرب، لأنه كما قال توماس فريدمان في كتابه الشهير «من بيروت إلى القدس»، إن إسرائيل تسعى دائماً لرسم الصراع في ذهن الأمريكيين ليس كصراع على الحدود والسيادة بل كصراع بين الخير والشر، وكصراع بين التحضر والهمجية. وفي هذه الصورة التي ينسجها اللوبي الإسرائيلي يمثل العرب الهمجية، بينما يمثل الإسرائيليون التحضر، وبالرغم من أن اليوم إيران تمثل الخطر الداهم، يجب ألا ننسى العنصر الأساس خلف تشويه صورة العرب والخليج في أمريكا وهي إسرائيل. وفي مقال سابق نشر في الصحيفة للكاتب المخضرم د.ظافر العجمي قال: «نحن «الخليج» الذريعة التي يبحث عنها كل مرشح لإرضاء «أيباك» لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية»، وذلك في الإشارة إلى الملامة التي ألقاها مسؤولون أمريكيون على دول الخليج على عمل إرهابي قام به مواطن أمريكي من أصل أفغاني في أورلاندو. ولذلك يجب ألا نغفل عن الدور الذي تلعبه إسرائيل بشكل مستدام في شيطنة العرب والخليج. ولذلك هذا التحول الجزئي في الرأي العام يشكل فرصة ذهبية للعرب لتحسين صورتهم في أمريكا ولإظهار للشعب الأمريكي حقيقة إسرائيل كدولة عنصرية لا تحترم الحريات ولا تمت للمبادئ الديمقراطية بصلة. والسؤال هل سيقتنص العرب هذه الفرصة في مواجهة خطر البروباغندا الصهيونية؟