بداية نقدم أحر تعازينا لعائلة الطفلين فارس وفراس اللذين وافاهما الأجل المحتوم قبل أيام، وبعد طي تعازينا وارتفاع منسوب ألمنا بسبب الحادثين المنفصلين، يجب أن ننوه لمجموعة من الأمور التي تتعلق بسلامة وحماية الأطفال من التعرض لمثل هذه المواقف المؤلمة. ما قد نطرحه الآن ربما لا علاقة له بالحادثتين إطلاقاً، لكنه يفتح أعيننا لمزيد من الحذر في المستقبل حول أهمية حماية صغارنا الأبرياء من أجل عدم التعرض لمواقف مشابهة.
حين كنا صغاراً أتذكر جيداً تفاصيل شوارعنا في «فريج الفاضل»، حيث كنا نخرج من منزل إلى منزل بكل أريحية، وحيث لا موقع لسكن عمالٍ هناك ولا مكان لأي موقع مشبوه ربما يعرضنا للخطر، أما الشوارع فكانت تخلو من السيارات إلا فيما ندر. اليوم تغير كل شيء، فلم تعد المدن والقرى كما كانت قبل 40 عاماً أو أكثر، فالمناطق تداخلت فيما بينها بشكل كبير، وبعضها تمدد حتى اشتبكت المناطق السكنية بالمناطق الصناعية ومناطق سكن العمال، أما أعداد السيارات فإنها زادت بشكل مخيف، ومن هنا لا يجب أن نتعامل مع الواقع الحاصل كما كنا نتعامل معه قبل عشرات السنين، فنترك صغارنا عرضة للموت المحتوم بسبب عقلية لا نريد أن نتجاوزها.
اليوم لا يجوز أن نرمي أطفالنا في الشوارع بلحاظ الفروقات الشاسعة بين الماضي والحاضر، لكن وللأسف الشديد نجد أن الكثير من الأسر البحرينية – خاصة في بعض القرى – لا يكترثون لخطورة هذه المسألة، فيعتبرون خروج طفلهم البالغ من العمر 3 أعوام للعب خارج المنزل فوق دراجته الهوائية لفترات زمنية طويلة قد تمتد إلى ساعات النهار كله أمراً عادياً جداً، دون مراعاة قضايا السلامة في شوارع وأزقة المناطق والقرى، وحين يسقط أحد الأطفال في حفرة أو تدهسه سيارة أو يتعرض لتحرش أو اعتداء من طرف بعضهم يقومون بإلقاء اللوم على جهات بعينها من أجل أن يبرروا سلوكهم الذي أفضى لموت طفلهم أو تعرضه للخطر المؤكد، ليخلوا ساحتهم من المساءلة القانونية والأخلاقية لو حصل أي مكروه لذلك الطفل!
جولة سريعة في بعض قرى البحرين، ستجد أعداداً مهولة من الأطفال الصغار جداً يركبون دراجاتهم الهوائية التي لا تحتوي على مقومات السلامة وغيرها فيتنقلون عبرها من قرية لأخرى ومن شارع عام لشارع آخر، في الوقت الذي يغط آباؤهم وأمهاتهم في نوم عميق، وحين يقع الطفل في المحظور أو يتعرض لحادث قاتل لا سمح الله، يبدأ الجميع بالبراءة من إهمالهم ليلقوا اللوم على جهات أخرى، في حالة جبانة رفضاً لمواجهة أخطائهم.
مازلنا نطالب أولياء الأمور بمزيد من الاهتمام بشؤون صغارهم، وألا يستهينوا برميهم في الشارع بشكل متخلف وبدائي، إذ لا يمكن أن تظل هذه الثقافة في بعض مناطق البحرين مستمرة حتى يومنا هذا، فأدوات الزمن الحديث تغيرت وكل عوامل الجغرافيا تبدلت، وما يجب الالتفات إليه الآن هو أن نقوم كلنا بحماية صغارنا داخل منازلنا حتى يكبروا. في الدول المتقدمة حين يموت طفل هناك بسبب إهمال الأب أو الأم فإنهما يتعرضان لمساءلة قانونية شرسة قد ترميهما داخل السجن لعشرات السنين، لأنهما أولى من غيرهما في مسألة رعاية وحماية طفليهما، وهذا ما يجب أن يكون في كل دول العالم ومنها البحرين.