كما كان متوقعاً، بدأت إيران في شن حملاتها ضد البحرين بعد مواقف المملكة الأخيرة من عيسى قاسم وجمعية «الوفاق»، هذه الحملات «المتوقعة» قامت بها إيران بمعونة أذنابها في بعض الدول العربية وتحديداً في العراق ولبنان، وبعض سماسرة حقوق الإنسان من منظمات وأفراد معروفين، يلتقون مع إيران في هدف مشترك متمثل في عدم استقرار دول الخليج العربي وفي مقدمتها البحرين.
ولكن البحرين تسير بثبات نحو الحفاظ على أمنها واستقرارها، لا يهمها حقد الحاقدين أو نفاق المنافقين، بل وأن هناك مواقف تثلج الصدور صدرت من أبناء البحرين الشرفاء وهم العلماء من الطائفة الشيعية الكريمة، ومن الجالية العراقية الشقيقة المقيمة في البحرين، ساندوا ودعموا إجراءات المملكة الأخيرة رافضين التدخل الإيراني البغيض في شؤونها الداخلية.
والسؤال الأهم هنا، ماذا سيكون رد إيران على مواقف العلماء الذي لن يعجبها بالتأكيد؟ خاصة إذا ما علمنا أن إيران تلعب دائماً على الوتر الطائفي، وتدعي كذباً اضطهاد الطائفة الشيعية في البحرين، والجميع يعلم أن إيران ليست سوى طرف يحاول استغلال الطائفة من أجل أجنداتها وفكرها الاستعماري المعروف.
البيان الذي أصدره أكثر من 50 عالماً كان واضحاً جداً – من غير الذين لم يوافقوا على وضع أسمائهم في البيان وهم أربعة فقط – هو بمثابة الرسالة إلى إيران وغيرها من المتآمرين على البحرين، حيث جاء البيان برفض قاطع لتشويه مدرسة أهل البيت من قبل بعض رجال الدين، ورفض نشر الفوضى المدمرة للوطن ومكتسباته، مؤكدين أن التصدي لتلك الفوضى واجب شرعي.
أعتقد أن إيران ستحاول الالتواء، وستحاول قلب الحقائق، والتقليل من أهمية البيان وذلك ضمن ألاعيبها الدائمة في قلب الموقف لصالحها، وهي لعبة مكشوفة للجميع، فإيران لن ترضى إلا بطريق الباطل للسير فيه، وستضغط بأي شكل كان لإيهام الرأي العام بما يخالف العقل والمنطق والواقع، ولا تريد أن تعترف بأن ما تفعله في البحرين هو تدخل صريح ومباشر في شؤون المملكة الداخلية.
إن ما قام به علماء من الطائفة الشيعية في البحرين خطوة ليست بغريبة، ونشد على أيديهم بل ونتمسك بهم، فهم مواطنون بحرينيون وليسوا إيرانيين، بخلاف بعض المحسوبين على الدين الذين أرتأوا زج أنفسهم في السياسة بعباءة الدين، فضاع ولاؤهم للوطن، واتضح أن استقرار البحرين وعيش أهله في سلام وأمان هو آخر اهتمامتهم، فمثل هؤلاء خلطوا الحق بالباطل، ولكن كان جانب الباطل فيهم هو الأبرز.
الأصل في هذا الشعب الكريم هو التآلف والتعاضد والبعد عن المشاحنات والتفرقة والطائفية، وأن عكس تلك الخصال الكريمة هي دخيلة على مجتمعنا سببها إيران وأساليبها الملتوية المعروفة، وإن مجرد الميل لتلك الأساليب هو بمثابة تصديق «خرافات» إيران بشأن البحرين. ولكن الخاسر الأول في ذلك هم أنفسهم، وليست إيران التي لا تملك سوى التحريض وإشعال نار الفتنة، فحري بمن تأثر بفكرها الشيطاني أن يعود لرشده، فإيران لن تفيد أحداً، بل هي المستفيدة الوحيدة من تحريضها ضد البحرين.
ولا بد أن نتطرق إلى موقف الجالية العراقية المقيمة في البحرين التي دعمت الإجراءات التي اتخذتها المملكة لحماية أمنها وصون وحدتها، فهذا الموقف ليس بغريب على أشقائنا العراقيين الذين كانوا ولا يزالون سباقين دائماً لنصرة البحرين، وأنا اقصد هنا أهل العراق الذين يمثلون العروبة والأخوة الحقيقية، وليس اولئك الذين باعوا أنفسهم لإيران، وقد عبرت الجالية وبكل صراحة عما يحدث في العراق وتحديداً في الفلوجة من تخطيط مدبر من ملالي قم وإيران ضمن مشروع «ولاية الفقيه»، وأهل العراق أدرى بما يحصل في العراق، ولا يمكن المزايدة عليهم، فهم من عانوا كثيراً من إيران، ونسأل الله أن يفرج عنهم ما أحاط بهم من شر ودمار سببهما الوحيد «هوس» الطائفية لدى إيران.