ستظل أزمة شح المعلمين والمعلمات في مدارس البحرين واقعاً مؤلماً في حال لم تعيد وزارة التربية والتعليم حساباتها فيما يتعلق بتوفير ما يكفي منهم كمعلمين ومعلمات في كافة مدارس البحرين، خصوصاً في المدارس الابتدائية، وتحديداً نقول هنا وبكل وضوح، أزمة «معلمات الفصل». منذ العام الدراسي الماضي وما قبله واجهت العديد من المدارس الابتدائية أزمة في توفير ما يكفي من «معلمات الفصل»، بل ظلت بعض الفصول الابتدائية بكاملها ولأشهر متعاقبة من دون وجود معلمات، ولم تفلح صرخات أولياء الأمور ولا النداءات المتكررة من الإدارات المدرسية لأجل توفير «معلمات الفصل» لسد الفراغ القاتل في كثير من المدارس الابتدائية لكن دون جدوى!
قبيل انتهاء العام الدراسي الحالي والذي انتهى قبل أيام، بدأت وزارة التربية والتعليم بإرسال إشارات خاطئة حسب بعض التربويين في سبيل سد النقص الحاصل لمعلمات الفصل، فوجهت خطابات لبعض المدارس تطالبهم فيها بإعادة بعض المشرفات الإداريات للعمل في سلك التعليم على الرغم من أن هؤلاء الإداريات هن من المتقدمات في العمر، ولا طاقة لهن بقضايا التدريس. ليس هذا وحسب، بل طلبت الوزارة من بعض المدارس الابتدائية أن تجدد المعلمات اللاتي يملكن شهادات وأعذار طبية شهاداتهن وأعذارهن الصحية من جديد في محاولة -نقول ربما- لإرجاعهن لمهنة التعليم من جديد لسد الفراغ الحاصل.
نحن نقدر لوزارة التربية والتعليم هذه الأزمة التي تمر بها معظم مدارس البحرين فيما يتعلق بشح «معلمات الفصل»، ونقدر الضغط الذي تواجهه كذلك بسبب توجه غالبية المعلمات للتقاعد، وعدم نجاح الوزارة مؤخراً في إقناعهن بالتراجع عن قرار العودة إلى المنزل وثنيهن عن التقاعد، لكن، لا يمكن أن نثق بالحلول التي طرحتها وزارة التربية والتعليم مؤخراً وذلك بطلبها من شرائح غير مؤهلة صحياً أو عمرياً الانخراط في سلك التعليم، أو محاولتها ثني المعلمات عن تأجيل وقت التقاعد. نحن نعتقد أن هذه الحلول الترقيعية لا طائل منها غير تمطيط وتأجيل إصلاح هذا الخلل الحقيقي ومعالجته من جذوره. إذاً، الحل هو في إحياء عملية التوظيف لا غير، فلدينا أرقام تشير إلى وجود مئات الشابات من البحرينيات في كافة التخصصات وعلى رأس تلكم التخصصات تخصص «معلمات فصل» يقبعن ومنذ أكثر من ثمانية أعوام في منازلهن على الرغم من الحاجة الملحة جداً لهؤلاء الخريجات لسد النقص الحاد في مدارس البحرين، ونخص بالذكر هنا «معلمات فصل»، وحين نطالب التربية والتعليم بتوفير «معلمات فصل» للمدارس الابتدائية التي تعيش أزمات خطيرة في هذا الشأن، فإننا نقصد بهذا الأمر توظيف الخريجات البحرينيات، وليس كما حصل في بعض مدارس البحرين العام الماضي حين تفاجأت إحدى إدارات المدارس الابتدائية التي كانت تعاني نقصاً شديداً في معلمات الفصل لديها، فخاطبت التربية لأجل سد هذا النقص، فقامت الوزارة بإرسال معلمة غير بحرينية قادمة من بلدها للتو، والتي كان تخصصها «فنون» وأخرى «إعلام» لتعليم طالبات نظام فصل، مما أوقع المعلمات والمدرسة والطالبات في حرج شديد جداً.
الأسطوانة التي حفظناها عن ظهر قلب والتي تتعلل بها التربية دائماً، هي عدم وجود ميزانية للتوظيف، لكننا على يقين أن الدولة ولثقتنا فيها لا يمكن لها أن تعبث بموازنات التعليم أو أن تقوم بتقليصها، كما أن التوظيف المستمر للمعلمات غير البحرينيات يبطل هذه النظرية، فهل ستقوم وزارة التربية والتعليم وقبل بداية العام الدراسي القادم بالاتصال بكافة الخريجات الجامعيات الشابات العاطلات عن العمل لأجل العمل في سلك التدريس؟ أم ستكابر التربية والتعليم لتبقي على أزمة التعليم في مدارسنا الابتدائية حتى حين؟