طبيعة العلاقات الأمريكية الروسية معقدة جداً نظراً لتاريخها الحافل من الصراعات بين الجانبين، كما لا يمكن كذلك التكهن بمستقبل تلك العلاقات سوى عن طريق التوقعات ولكن وفق الدراسات الدولية فإن روسيا كان لها دور رئيس في تحول العلاقة من صراع إلى تنافس بعدما ارتقى نمط القيادة الروسية والذي أدى إلى تحول جديد لتلك العلاقات وفق دراسة صادرة من جامعة مؤتة بعنوان «العلاقات الروسية الأمريكية في ظل النظام الدولي الجديد»، والتي أوصت الإدارة الأمريكية بأن تدرك أن هيمنتها الأحادية على الساحة الدولية قد انتهت وأن موازين القوى قد تغيرت ببزوغ روسيا كقوة فاعلة ومؤثرة على الساحة الدولية.
على الرغم من أن العلاقات الروسية الأمريكية لم تكن يوماً من الأيام علاقات خالية من سوء النوايا إلا أن تلك العلاقات قد وصلت إلى مرحلة التعاون والتنسيق بين الجانبين في عدد من القضايا، فالدور التي تلعبه الدولتان دور تكاملي وليس دوراً فيه منافسة مع الآخر، حيث إن روسيا قد بدأت مشوارها بدعم حلفاء أمريكا الواقعين خلف الستار، ولا سيما أن إيران الحبيب الخفي لأمريكا هي المستفيد الأول من التعاون الروسي الأمريكي، فقبل فترة قدمت روسيا دعماً للقيادة الإيرانية بتقديم قرض قيمته وصل إلى 5 مليارات دولار حسب وكالة «روسيا اليوم»، كما لم ينتهِ الأمر حول ذلك فقد قامت أمريكا بإبرام عقود لبيع طائراتها «البوينغ» لتجديد أسطول الخطوط الجوية الإيرانية وغيرها من مساعي الجانبين لجعل إيران تحتل المكانة المناسبة بالمنطقة ويكون لها تأثير على مجريات ومصير العلاقات دول الجوار.
التحليل المناسب لتلك العلاقات الأمريكية الروسية هو أن الروس وجدوا أنفسهم مجبرين على التحالف مع أمريكا وفي الوقت نفسه وجدت أمريكا نفسها مجبرة كذلك على التحالف مع روسيا نظراً لكون الصراع سيعطي للدول الهامشية حسب نظرية النظام العالمي الجديد دوراً ريادياً في التأثير على القرارات الدولية، ما يعني صعود دول بالأمس كانت تحت خط الفقر، فبقاء الهيمنة الأمريكية والسعي الروسي نحو التقدم خطوات للأمام بعد تفكك الاتحاد السوفيتي دفعت العلاقات لتكون تكاملية بين الجانبين وأن يدعما بعضهما بعضاً في القضايا الدولية التي يكون لها تأثير في تعثر أهدافهم في بعض الدول وخاصة في الشرق الأوسط.
إلى ذلك، يجد الشرق الأوسط نفسه من أكبر الضحايا الذين عانوا من التحالف الروسي الأمريكي، خاصة دول الخليج العربي، ففي الوقت الذي يعاني فيه الخليج من التدخلات الإيرانية واستغلال أعوانهم في خلق الفوضى وعدم الاستقرار فنجد أن هذا التحالف الأمريكي الروسي يدعم تلك الدولة الداعمة للعمليات الإرهابية في المنطقة، وللأسف أن زيارات المسؤولون الأمريكيون في المنطقة وتصريحاتهم تتضمن دائماً أنهم يشددون على عمق العلاقات الخليجية الأمريكية وأن تلك العلاقات ذات قوة وراسخة ولكن الوجه الآخر يتم تقديم العون لإتباع «ولاية الفقيه» والحرس الثوري الإيراني من خلال تقديم التسهيلات والمعونات والقروض الميسرة!
في الحقيقة، أن أمريكا تقدمت للخليج بتعهدات عديدة ومنها توفير الحماية للمنظومة الخليجية إلا أنها أخلفت وعودها، كما قامت روسيا بتوقيع عدد كبير من المعاهدات بشأن التعاون الخليجي والعربي مع دولنا، ولكن يبدو أن دعم الرئيس باراك أوباما لمثليي أمريكا هو الواقع الحقيقي لشخصيته أمام دولنا، مما جعل بلاده تتحد مع متحولي روسيا الذين كانوا يناضلون ويعادون النظام الرأسمالي فأصبحوا اليوم أصدقاء الرأسمالية ومتوحدين ضد دولنا العربية وفي سوريا مثالاً.