كانت احتفالية توزيع جوائز مسابقة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر الصحافية تتويجاً لأصحاب الفكر والرأي، ووساماً على صدر الصحافة في البحرين، وتعبيراً حقيقياً عن حب القيادة وتقديرها لأرباب الرأي والقلم، وتعبيراً مماثلاً عن التفاف الجماعة الصحافية والشعب البحريني بكل مكوناته حول قيادته الرشيدة مجدداً، وولائه ووفائه ومعبراً عن قضايا الوطن وطموحاته.
فالجائزة تحمل اسم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، تلك الشخصية القيادية، صاحب البصيرة الذي استطاع أن يحقق للبحرين أعلى مستويات الرقي، والذي يحظي بكامل التقدير والاحترام من المواطنين والمقيمين على السواء، ومن المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية التي قدمت له العديد من الجوائز على إنجازاته التنموية في بناء البحرين الحديثة.
إن رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان للجائزة وتكرمه بأن تحمل الجائزة اسمه لهو خير دافع للجماعة الصحافية بأن تعمل في إطار الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة كرسالة نبيلة تهدف لرفعة المجتمع وتطوره، كما إنها تعني أن قمة القيادة السياسية تهتم بالصحافة وتشجعها على القيام بدورها، وتقدم لها الدعم المادي والمعنوي كي تكون في طليعة الصحافة العربية.
فالقليل من جوائز الصحافة في العالم هي التي تحمل أسماء زعماء سياسيين، ذلك لأنها في الغالب الأعم تكون مشاريع تجارية تستهدف الربح في المقام الأول، بصرف النظر عن الأهداف المجتمعية والصالح العام، أما الصحافة في البحرين فإن الهدف المجتمعي هو الأبرز لديها، وهذا ما عبر عنه من قبل رؤساء تحرير الصحف المحلية في البحرين، حين أصدروا ميثاق شرف يحكم عمل الصحافة المحلية، وقد ركزت بنود الميثاق على دور الصحافة في خدمة المجتمع وقضاياه الأساسية والدعوة لوحدة المجتمع وتماسكه ورفض أي نوع من أنواع الطائفية أو المذهبية والتأكيد على المعايير والضوابط المهنية والأخلاقية في العمل الصحافي.
لذا فإن هذه الرعاية تعطي للصحافة دفعة للأمام، وتحملها مسؤولية اجتماعية وأخلاقية كي تستمر في هدفها الوطني الذي اشتهرت به عبر تاريخها منذ نشأتها عام 1939، حامية لقيم المجتمع وتقاليده، ومؤكدة علي قيم المواطنة وغرسها في نفوس الشباب ومدافعة عن المجتمع في وجه الساعين للتدخل في سيادة وشؤون البحرين.
كما إن هذه الرعاية تحمل الصحافة مسؤولية العمل في إطار روح المودة والتسامح الذي اتسمت به القيادة الرشيدة، والتي أشاد بها الجميع على مستوى العالم خلال الفترات الماضية، سواء ما أعلنه رجال الفكر والسياسة والدين في مؤتمر حوار الحضارات أو في حوار المنامة أو من قبل في مؤتمر حوار الأديان، أو ما أعلنه مؤخراً فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وبابا الكنيسة القبطية للعالم أجمع، خلال زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، لمصر في نهاية أبريل الماضي، مؤكدين على أن البحرين هي أرض التسامح والسلام وملتقى حضارات وثقافات العالم ومشيدين بحكمة القيادة السياسية في التعامل مع أحداث البحرين.
لقد خلقت الجائزة تنافساً إيجابياً كبيراً بين الصحافيين إذ زاد عدد الأعمال المشاركة على 300 عمل صحافي، ولا شك في أن هذا التنافس قد زاد من تطور الصحافة وتجويد منتجها الصحافي، فالكل ينتج موضوعاته وفي ذهنه المسابقة والجائزة وأعينهم ترنو نحو الفوز بها ولذا جاءت إشادة لجنة التحكيم بالمستوى الراقي لكل الأعمال التي تقدمت للمسابقة.
كما قدمت الجائزة قيمة إضافية ليوم الصحافة البحرينية وذلك لتزامنها معه، وأصبحت عاملاً مساعداً لنمو الصحافة وتقدمها في البحرين، تلك الصحافة التي شهدت تطوراً كبيراً كماً ونوعاً خلال هذا العهد الزاهر وكانت جزءاً أصيلاً من المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى.
إن أحد معايير الحكم على الصحافة وتطورها وحريتها في أي مجتمع هو مدى تعددها وتنوعها بجانب طبيعة ملكيتها وتمتعها بالحرية فيما تنشر، وبنظرة سريعة نجد أن عدد الصحف والمجلات يصل إلى 17 إصداراً لها مواقع صحافية على الإنترنت، منها خمس صحف يومية، وسبع تصدر بالإنجليزية، وواحدة بلغة الأوردو، وكل هذه الإصدارات متنوعة في اتجاهاتها الفكرية والسياسية وسياساتها التحريرية، وتتسم بمستويات متقدمة من التطور الصحافي والتقني، كما أنه لا يوجد صحيفة واحدة منها مملوكة ملكية عامة للدولة، وبالتالي تخلو الخريطة الصحافية في البحرين من الصحف الرسمية التي تكون تابعة تبعية مباشرة لجهاز الدولة، ولا توجد جهة رسمية مختصة تفرض على الصحف ما ينشر أو ما لا ينشر، أو تقوم بتعيين رؤساء التحرير أو غير ذلك من مظاهر التدخل في شؤون الصحافة.
فالصحافيون يعملون بوحي ضميرهم الوطني وحرصهم على خدمة المجتمع وتطوره، وفي إطار الحرية المسؤولة التي تستهدف الصالح العام وتماسك المجتمع وخدمة قضاياه الأساسية، ولذا فهم يفرقون بين هذه الحرية المسؤولة وبين الحرية غير المسؤولة المتمثلة في القذف والسب والتشهير والاختلاق وترويج الإشاعات، وهي السمات التي ارتبطت بالصحافة الصفراء في بعض الدول المتقدمة، والتي يكون هدفها الإثارة ونشر الإشاعات، بهدف تحقيق المزيد من التوزيع والأرباح المالية، فالصحافيون لدينا لديهم الحس الوطني القادر على التمييز بين الحرية المسؤولة والتي هي أبرز سمات الصحافة المحافظة وحرية الصحافة الهادفة للإثارة ونشر الإشاعات.
وفي النهاية فإن الخبراء يتوقعون أن تسهم الجائزة في المزيد من المنافسة الشريفة بين المؤسسات الصحافية ذلك لأن الكل يسعى لنيل شرف الحصول عليها وبالتالي ستكون عاملاً مهماً في المزيد من التطور والازدهار للصحافة المحلية في البحرين.
* أستاذ الصحافة المساعد – جامعة البحرين