كل عام والبحرين وكل العالم العربي والإسلامي وبقية دول العالم بألف خير، وعيدكم سعيد يلفه الحب والخير والعطاء والنماء، فلا شيء أجمل من عيد يوحد صفوفنا ويطهر قلوبنا من الغل وأغلال النفس. فبعد صيام شهر رمضان المبارك، وبعد محاولة إنسانية طهرانية من قِبل الإنسان الصائم، يكون لزاماً على من صام رمضان أن تصوم جوارحه وجوانحه التي ربما تسكنها الشرور بقية أيام العام، ولهذا فإن الفائدة من الصوم لا بد أن تتحقق بعد انتهاء الشهر مباشرة ومن يوم العيد الذي يجب أن يخلع فيه الإنسان المسلم رداء الكراهية والأمراض النفسانية ليلبس لباساً أبيض طهوراً، يحب فيه الإنسان الإنسان ويدفع باتجاه التآخي مع بني جنسه، دون الخوض في تفاصيل الاختلافات الفكرية والإنسانية والعرقية والمذهبية وغيرها من آفات العصر، فالعيد للأسوياء أما من سكنته أمراض العنصرية والطائفية وتلاعبت بعواطفه كل أشكال القضايا الفتنوية فإنه لن يتذوق حلاوة العيد، وسيثبت حتماً سقوطه المدوي في اختبار الصوم وقبوله.
يجب أن يكون العيد المبارك فأل خير وصلاح على الإنسانية وليس على المسلم فقط، ولربما يكون العيد في عصرنا هذا منطلقاً لتصحيح النظرة حول قيم الإسلام ومفاهيمه الخيرة، فحجم التشويه الذي نال الإسلام من طرف المجاميع الإرهابية وكذلك أيضاً من جهة جماعات الإسلام السياسي ومن كل الجهات المدسوسة التي تحسب نفسها أنها تمثل الإسلام، ومن هنا يجب أن تصحح تلكم الرؤى الواقعية في كل منعطفاتنا ومناسباتنا الإسلامية وعلى رأس هذه المناسبات «عيد الفطر المبارك».
نحن وفي يوم العيد نأمل أن يستقر العالم ليكون أكثر أمناً وأن يسود السلام كل أرجاء العالم وعلى وجه الخصوص عالمنا الإسلامي الذي يعج بالفوضى والمستباحات التي لا تقيم وزناً للإنسان، كما يجب أن تتحرك كل الشعوب الإسلامية لرفض كل أشكال التقسيم والتفتيت لوطننا العربي، فالمؤامرات التي تحاك ضدنا في الظلام وتنسج خيوطها في دوائر المخابرات العالمية لابد أن تتوقف وتجابه بالرفض القاطع، فما يهدد استقرارنا اليوم هو اتفاق الدول الاستعمارية الكبرى مع الجماعات الإرهابية والتكفيرية بمختلف أصنافها وتوجهاتها بزعزعة أمننا والنيل من دولنا وشعوبنا بشكل سافر، ولهذا من الضروري قطع الطريق على كل هذه الدول والجماعات عبر إعلاننا لمشروع الإسلام النقي الذي يجب أن يقطر بالخير بدل الدم، والذي لا بد أن يتنفس بالحب بدل الكراهية، ولهذا ليست من مناسبة أفضل من مناسبة العيد لتبني هذا المشهد الجميل. فلنهدم كل الأصنام التي تسكن نفوسنا ونبني كل الأفكار الحضارية التنويرية في مقابل الفكر الظلامي المتخلف. يجب أن يكون العيد يوماً جامعاً للمسلمين، مانعاً لكل الفتن، وبهذا الوعي يمكن لنا أن نحقق الفرح في عيدٍ يعج بالفواجع، لنتجاوز كل أشكال الجمود أو التقهقر في عصر يمضي كل العالم إلى الأمام.