ليس هنالك أفضل من أن يتحول الفن إلى رسالة هادفة ونبيلة في وقت الأزمات، فالفن الذي لا يعالج ولا يحاور الواقع ليس فناً، وإنما هو عبارة عن مجموعة من الأمور التافهة تزول بزوال الموقف ومع مرور الوقت، وما يلبث بعد أن يعجز الفن عن تبني مواقف حازمة وصادقة تجاه حياة الإنسان فإنه يتحول إلى فنٍ هابط.
قبل نحو أكثر من ثلاثين عاماً عالج الفنان القدير عادل إمام قضايا الإرهاب وتمدده في مصر وبقية الوطن العربي بصورة جرئية للغاية في الوقت الذي كان الكثير من الفنانين يغطون في سبات عميق بطرحهم لقضايا تافهة وعابرة، بل ربما يعرض الفنان نفسه لخطر التصفية الجسدية والمعنوية في حال استمر في تصديه للإرهاب وكل أشكال الإسلام السياسي الذي ينبت من رحم الفتن والإرهاصات السياسية وغيرها، لكن الفنان الحقيقي كالعملاق عادل إمام لم يكن يهتم لأصوات الطيش ولطيش الرصاص، وعلى الرغم من التقدم الكبير لعادل إمام في العمر إلا أنه وخلال الأعوام الأخيرة عالج قضايا الإرهاب بشكل صارخ عبر الكثير من أعماله الفنية.
من الفنانين الكبار الذين تصدوا بحزم وقوة للإرهاب، الفنان السعودي القدير ناصر القصبي الذي لم يستمع لكل الأصوات المثبطة والمتطرفة التي حاولت تخوينه وتفسيقه وقتله إنسانياً ومجتمعياً كلما لاحت لهم الفرصة لذلك، ومع كل هذه الحرب الشرسة التي سعت للإطاحة بالنجم السعودي ناصر القصبي من طرف دعاة الفكر الإرهابي ومن كل أبواق الفتن الأخرى إلا أنه أصر على محاربة الإرهاب الكريه عبر تقديم مسلسلات فنية هادفة ومعبرة عن الواقع المؤلم لما يتركه الإرهاب من آثار وخيمة على المجتمع، وبالخصوص فيما يتركه من أثر مدمر بين أوساط الشباب الخليجي.
نحن اليوم في أمس الحاجة للفن الجريء وللفنان الشهيد. نحن في حاجة للفن الذي يناقش مصير الشباب ليفتح الأسئلة المسؤولة على مصراعيها في وجه الدولة ووجه المجتمع، كما نحتاج للفنان الذي يصرخ بأعلى صوته ليوقظ كل نائم يعيش في وسط النار، ليقول للعالم استيقظوا من سباتكم، فالأمر جلل والمستقبل في خطر. أما الفن الذي مازال يناقش التفاهات فإنه ليس بفن، وإنما هو حالة طارئة متلبسة بالفن لا تلبث أن تزول بزوال الموقف، لكن الفن الخالد هو الذي يخرج المجتمعات من ظلمات الجهل والتطرف والخرافة إلى حيث النور والعلم واحترام المستقبل وبناء الأوطان. نتمنى ألا يظل الفنان القدير عادل إمام والفنان السعودي الكبير ناصر القصبي ومجموعتهما من الفنانين الذين يحاربون الإرهاب وحدهم في الساحة الفنية التي تحمل على عاتقها رسالة الحق، بل ندعو كل الفنانين العرب أن يقدموا كل ما باستطاعتهم تقديمه للمشاهد العربي من قيم صارخة باتجاه الاعتدال ومحاربة التطرف.