البحرين بلد العجائب تم فيه خلط المفاهيم بشكل غير مسبوق واستغلت مساحة الحرية فيه للتضليل وتعميق وتكريس الجهل لا التنوير، حتى اضطررنا إلى التذكير بالبديهيات والمسلمات.
«من يسعى لإدانة بلده في المحافل الدولية هذا ليس ناشطاً حقوقياً، إنه خائن»، جاءت هذه العبارة على لسان سعيد الفيحاني عضو اللجنة الاستشارية بمجلس حقوق الإنسان الدولي لثلاث سنوات، لتصحح ما يروج له إعلام مضلل بسبق الإصرار والترصد، ويعيد الاعتبار لمفاهيم ومسلمات قلبت وتم خلطها، وردت هذه العبارة في اللقاء الهام الذي أجرته الزميلة أخبار الخليج معه ونشر بالأمس، أنصح بقراءته، وخاصة المسؤولين!
وبالإضافة إلى تشخيصه الواقعي لمواقع التقصير على المستوى الرسمي، فإن الفيحاني على صعيد آخر قد أكد من خلال خبرته في العمل في مجلس حقوق الإنسان وتلقيه العديد من الشكاوى من عدة جهات ومنظمات حقوقية من مواطنين من عدة دول، أن الفرق كان واضحاً بين شكوى تبحث عن حل وشكوى تبحث عن إدانة، وشتان بين طالب للإصلاح وبين خائن، في معظم الدول يعرف الناشطون هذا الفرق، لكن في البحرين تجري عملية تضليل ممنهج للخلط بينهما.
وهذا ما سعينا لإيضاحه، ففي البحرين «إعلام» يروج للمفاهيم الخاطئة مستغلاً البيئة الانفتاحية لمملكة البحرين لتعزيز ثقافة المظلومية واستغلالها لأجندة سياسية.
الحصول على الإدانة لبلدك ليس طريق الإصلاح ولن يكون، ولن يخدم العدالة، ولن يساهم في ضبط الإجراءات الأمنية أو القضائية فيها، ولن يساهم في تطوير ملف حقوق الإنسان. هذا إذا كنت معنياً حقاً بتطوير المنظومة الحقوقية، منذ أكثر من ستة عشر عاماً ونحن نردد هذه الحقيقة في الوقت الذي نرى سعيهم الحثيث لتحقيق هدف «الإدانة» ضد البحرين أكثر من سعيهم للتطوير، هدف لن يخدم أصحاب الشكاوى أنفسهم، فما بالك بتطوير المنظومة الحقوقية. فأن تستعين بالخبرات الدولية للعمل على تطوير المنظومة الحقوقية هو المسعى الوحيد المقبول وطنياً هدفاً للاتصال بتلك المنظمات الدولية، وهذا ما فعلته مملكة البحرين بالتعاون مع الخبرات الدولية في هذا المجال، إنما «الخونة» لا يهمهم إصلاح المنظومة الحقوقية ولا يهمهم تطور بلدهم، ما يعنيهم وما يثلج صدورهم وما يسعون إليه ويحتفلون من أجله ـ أن تحقق - ويضعونه مانشيتاً رئيسياً هو بيان «الإدانة».
مهمتهم حين يسافرون ويحضرون الجلسات هي إخفاء كل إنجاز، وإن ذكر لهم استهانوا به، وقللوا من شأنه، وكل تقدم أو تطور أو تحسن ينكرونه وكل خطأ يكبرونه وفي النهاية يطلقون على أنفسهم «ناشطين حقوقيين» ويشتكون أنهم ممنوعون من السفر.
هكذا تروج لهم صحيفتهم، تظهرهم على أنهم أشخاص مسالمون مجرد «ناشطون» ليس بيدهم مدفع أو رشاش لا يحملون سوى «الكلمة» البراءة ستقفز من عيونهم، اليوم صورهم وحدهم غداً صورهم مع اطفالهم الذين كانوا معهم فتعقدت نفسياتهم حين منعوهم من الاستجمام في جنيف وبروكسل، لم هذا الظلم والاضطهاد ومصادرة حق التنقل المنصوص عليه في الدستور، ماذا فعلوا وماذا ارتكبوا من جرم؟
لتستمر حملة الترويج لدعوى المظلومية والاضطهاد لتظهر البحرين دولة قمعية تحرم «النشطاء الحقوقيين» وكل من ينقل مجرد كلمة «حرم» من حقه في التعبير والسفر، إعلامهم يخاطبهم ويخاطب الخارج يسعى ليصور البحرين دولة تمنع مواطنيها من السفر رغم أنهم أصحاب كلمة، لمزيد من التحريض والتجييش.
من أظهرهم بمظهر الناشطين الأبرياء يعرف جيداً أنهم بكلمتهم سيكذبون أي إنجاز حققته البحرين في مجال حقوق الإنسان، سيقللون من شأنه، وبكلمتهم سيدعون عدم وجوده، بكلمتهم سيختلقون القصص سيخفون الأسباب التي تقف وراء الإجراءات، وبكلمتهم سينكرون المبررات التي تقف وراء الإجراءات. و كله «بالكلمة» عل وعسى، عل وعسى، عل وعسى، ينجح مسعاهم فيحصلون على إدانة لبلدهم يجرون بها للحصول على قرار بفرض عقوبات على بلدهم، أو يمنع عن بلدهم امتياز، أو ربما «ربنا يكرمهم» وتطبق على البحرين المادة السابعة التي تقضي باستنفاذ كل الوسائل والاضطرار للتدخل العسكري، هذا ما يسعون له فقط لا غير، هل هذه جريمة؟ مالكم يا بحرينيون كيف تحكمون؟ هل تحرمون هؤلاء «الأبرياء» من السفر؟
كل ما يسعون له هو أن تدخل البحرين نفق العراق ونفق ليبيا، كي يحققوا حلمهم بإسقاط الدولة والهيمنة على الحكم فقط لا غير، أليس هذا «حقهم» الذي نص عليه العهد الدولي؟ أم أن المالكي والعبادي أحسن منهم؟ حق «التعبير» هو كل ما يملكونه، لم هذا الظلم ومنعهم من السفر منافين العهود الدولية والاتفاقيات الدولية؟
وتبقى البحرين بلد العجائب، يبقى فيه مثل هذا «الإعلام» حراً طليقاً مكملاً مهمته سنداً للجناح الديني والسياسي والحقوقي لذات الجماعة التي سعت لإسقاط النظام!!!
«إعلام» تترك له البحرين، الدولة المتسامحة، الدولة الديمقراطية، الدولة المنفتحة على التعددية والحرية كاملة، في تمجيد الإرهابيين، وتلك جريمة نص عليها القانون، بإطلاق لقب «الشرفاء» على من صدرت بحقهم أحكام قضائية لجرائم إرهابية ارتكبوها، مات فيها من مات وحرق بشر وممتلكات ووو، مهينين بوصف «الشرفاء» للمدانين بهذه الجرائم القضاء ذلك الصرح الشامخ، ومشجعين على تكرار الجرائم التي أدين بها من هم وراء القضبان.
البحرين فعلا بلد العجائب.