سهولة القتل والسرقة وجرائم العنف هي أحداث موجودة في الأفلام السينمائية والمسلسلات وغيرها من مصانع السلع الثقافية التي تنتجها الإمبراطوريات الإعلامية ومنها إمبراطورية ميوردخ وغيرها من الشركات عابرة القارات.
وفي عام 2005 أسفرت دراسة بعنوان «تأثير الفضائيات التلفزيونية الأجنبية في الشباب» للدكتور عيسى الشماس من جامعة دمشق عن نتائج مهمة جداً تعكس الواقع الحالي حيث أظهرت الدراسة أن الذكور هم أكثر المتأثرين من الفضائيات الأجنبية من الإناث، كما كشفت الدراسة أن الشباب يشاهدون الفضائيات الأجنبية ما بين ساعتين إلى أربع ساعات ولا سيما أن 48% يشاهدون القنوات الأجنبية بصورة منفردة.
كما أشارت دراسة للدكتور محمد المسفر المحاضر بجامعة قطر بعنوان «تحليل الرسالة الإعلامية.. تأثير الفضائيات العربية على الشباب العربي» إلى أن الرسائل الإعلامية الأخطر التي يتعرض لها الشباب العربي من خلال مشاهدة القنوات الفضائية العربية هي النمط الحضاري المعولم سواء جانبها الثقافي أو القيمي أو في جانب تنمية الأنماط الاستهلاكية للمنتجات الغربية.
وعليه فإن الدراسات المتعلقة بتأثير البرامج الأجنبية أو العربية المعولمة على الشباب العربي لا تنتهي فأغلبها تؤكد أن الشباب العربي فئة مستهدفة منذ الصغر وأن جميع ما نشاهده من أعمال القتل والتفجير هي نفسها ما هو موجود بالأفلام وبنفس التقنيات التي تعرضها التنظيمات الإرهابية كداعش، فقد نقلت جريدة «التايمز» البريطانية عن خبراء قولهم إن المؤثرات التي يتم استخدامها من قبل «داعش» في الفيديوهات هي نفس تلك المستخدمة في «هوليوود»، وخاصة تلك المستخدمة في سلسلة (Let's Go) التي تخاطب الشباب الغربيين، وتدعوهم إلى الهجرة من أجل القتال في صفوف «داعش» بسوريا والعراق.
الواقع المرير هو أن جميع هذه الدراسات والشواهد هي تنبؤ بخطر قادم لا محالة، وهو أن الشباب مستهدف بعقله من الدرجة الأولى، حيث يتم غرس المعتقدات التي يردها الغرب للشباب المسلمين، ومنها زرع الليبرالية المتعصبة التي تدعو للتحرر حتى يتم إضعاف الجانب الديني لتكون بعد ذلك السهولة في عملية التلاعب به كيفما أرادوا من خلال مجموعة من الإستراتيجيات والخطابات التي تسهم في تغيير الأفكار لديه وتشجيعه من قبل قاعدة جماهيرية أعدت لهذا الغرض، ويكون لهذا الشاب أداة تستخدم لتحقيق غايات الغرب في استهداف المنطقة وخلق الفوضى وتهديد أمنها كالأحداث الإرهابية التي تقوم بها داعش في السعودية وغيرها من دول الجوار.
فعلاً الأمر لا يمكن أن يكون كذلك من دون هذه الفضائيات واستغلال وسائل الإعلام منها التقليدية والحديثة وسط ذهول قادة الإعلام العربي الذين ما زالوا يتفرجون على ما يحدث للأمة العربية والإسلامية، إذ ما زالت الشركات الفضائية العربية تنقل هذه الثقافات والعادات بغير مبالاة وفق الدراسات المنشورة بهذه الخصوص، والأهم من ذلك أن هذه البرامج الأجنبية هي المصدر الرئيسي لتمويل الشركات العربية من خلال الإعلانات المصاحبة لتلك البرامج الهدامة للشباب العربي مما يشجع الشركات لاستقطابها والتسابق في الحصول عليها.
ختاماً، فداعش منظمة إرهابية لم تأت من فراغ فهي حصاد إعلام غربي موجه للعالم العربي يستهدف الشباب والأجيال الناشئة فجميع الشخصيات الذين نفذوا العمليات الإرهابية التي تبنتها داعش هم فئة الشباب العربي الذين كانوا جزءاً من مشاهدي تلك البرامج والأفلام الممنهجة والمتلاعبة بعقولهم إلى أن أصبحوا جاهزين لتنفيذ تلك المؤمرات الغربية بحق إسلامنا وعروبتنا، وبالتالي فإن بعض الشركات الفضائية العربية الناقلة لتلك البرامج الأجنبية هي شريكة بتلك الجرائم ويجب على الدول العربية أن تتحد وخاصة دول مجلس التعاون وأن تراجع أنفسها وتراجع الإعلام الحكومي وأن تضع لتلك الفضائيات تشريعات أكثر حزماً لما ينشر لمحاربة هذا الإعلام الغربي الذي يستهدف شبابنا الذين استوطنتهم الأفكار الانحرافية عن المسار الوطني الإسلامي الصحيح، فحصاد الإعلام الغربي لن ينتهي فقط بداعش، وما داعش الا نموذج لما هو قادم.