قمة «الازدواجية» و»العهر» السياسي هو ما حصل في البرلمان الأوروبي حينما حاول «التدخل» بصورة فجة في شأن البحرين.
هو «تدخل سافر» في شؤون البحرين الداخلية، وفي قوانينها، وفي أحكامها القضائية، تدخل لا يمكن للبرلمان الأوروبي أن يحذو حذوه لو كانت إحدى الدول من أعضائه تتعرض لما تتعرض له البحرين.
هل سمعتم يوماً بأن البرلمان الأوروبي قد أخذ صف جماعات راديكالية ومحرضين موجودين في أحد الدول الأوروبية، وطالب نظام تلك الدولة بأن «يتسامح» مع الإرهابي والمحرض على النظام، وأن يوقف الأحكام القضائية بحق منفذي الإرهاب ومستخدمي العنف؟!
لا يمكنهم فعل ذلك في مجتمعاتهم وبلدانهم، لأن الإرهاب في عرف البرلمان الأوروبي «أول عدو» لهم في أوطانهم، وهو «الآفة» التي يجب أن تحارب ويقضى على الضالعين فيها. لكن بالنسبة للدول الأخرى، وتحديداً دول الخليج العربي التي هي بالنسبة للأوروبيين عبارة عن دول «تسبح في برك النفط»، ودول لها أنظمتها الممتدة عبر عقود، وتختلف مع أنظمة الحكم في بريطانيا، بالتالي التدخل في شؤون هذه الدول، تمثل «هواية» تمارسها هذه الكيانات الإقليمية البعيدة عنا، وتكشف عن «كراهية» و»حقد» و»حسد» موجه لبلداننا، بدليل أن دعمهم دائماً ما يكون موجهاً للجماعات المعارضة، والمطالبين بإسقاط الأنظمة والإرهابيين.
لا يمكن تصديق أن البرلمان الأوروبي بعناصره وأعضائه لا يعرف حقيقة الوضع في منطقة الخليج العربي، والبحرين على وجه الخصوص، فيما يتعلق بالأطماع الإيرانية المعنية ببلادنا. ولا يعقل أنهم يجهلون وضعية الجماعات المتطرفة في الداخل لدينا، والتي أثبتت الحقب الزمنية المتلاحقة والأحداث الحاصلة حجم قربها وولائها للنظام الإيراني المستهدف للبحرين. هل يجهل أعضاء البرلمان الأوروبي دور عيسى قاسم في الانقلاب على بلد بنظامه وقيادته وشعبه المتعدد الطوائف والمذاهب؟! هل لم تصلهم دعوته الصريحة لاستهداف الشرطة وقتلهم؟! هل هم يجهلون دعوة «اسحقوهم»؟!
والله نشك أنهم يجهلون، لكن هذا هو حال الغرب الدائم معنا، هدفه الرئيس ليس استقرار بلادنا، وثبات الأنظمة، بل هدفه توتير أجواء الأمن في البلدان حينما يتم دعم الإرهابيين.
البرلمان الأوروبي الذي وقف عاجزاً أمام الجرائم الإيرانية طوال عقود بحق شعب أعزل، وطوائف مختلفة ومتعددة، ووقف صامتاً أمام جرائم بشار الأسد، وقبلها الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، هذا البرلمان يحاول اليوم إقناعنا بأنه مع حقوق الإنسان؟!
أين كان البرلمان الأوروبي حينما استعاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الأمن في لندن خلال وقت قياسي، وتمت محاسبة ومحاكمة منفذي العمليات الإرهابية في سويعات وليس في أيام؟! أين كانوا حينما قال كاميرون بأنه لن تهمه صرخات وفلسفات من يدعون بأنهم جميعات حقوق الإنسان، لأن هدفه الأول والأخير إعادة الأمن والقانون والنظام للمجتمع البريطاني؟!
مثل هذه التكتلات والكيانات الغربية لا يهمها المجتمع البعيد عن قواسمها الخاصة، من تكون البحرين بالنسبة لها سوى نظام دولة مستقرة تحكمها عائلة حاكمة مالكة، دولة لديها مصالح تهم الأوروبيين، لكن هذا لا يمنع من «ممارسة الكيل بمكيالين” معها، إما أن تتعامل إيجابياً معهم، وبعدها تبرز المصالح الحقيقية والمساومات. نحن ندين مثل هذه «الهرطقة» التي صدرت، لأننا أهل مكة وأدرى بشعابها، ومثل هذه القرارات لا تلزم أي نظام مستقل بذاته، قوي في قراراته، حاكم لنفسه بنفسه، ولديه هيمنته وفرض إرادته. لو كانت بعض الدول أصلاً تعطي لمثل هذه «القرارات الكلامية» وزناً، لما تجاهلتها أصلاً مثلما تفعل إيران وسوريا وأمريكا، وحتى أعضاء رئيسيون في البرلمان الأوروبي، لو كانت الدول أصلاً تقيم وزناً حتى للأمم المتحدة نفسها، لكانت اهتمت وتحركت وتداعت أمام كل «حالة قلق» تصدر عن الأمين العام بان كي مون، لكن الحاصل أن بدل ذلك توجد «حالة تندر» إزاء تصريحات رئيس المنظمة القلقة. لا يهمنا ما قاله البرلمان الأوروبي لا حتى الاتحاد الأوروبي ولا أحد، بل يهم ما قالوه يهم الانقلابيين والخونة بداخل البحرين، هم من يحاولون استنطاق حتى إسرائيل لو أمكن لتدين البحرين، ظناً منهم بأن هذه الإدانات ستؤدي الغرض من الانقلاب الفاشل الذي قاموا به، وستقدم لهم البحرين على طبق من ذهب. دعوهم في أحلامهم، وفي نشوتهم مع كل تصريح يصدر يلامس شغاف أحلامهم، ولنوجه كلامنا للدولة، خاصة وأننا وصلنا لمرحلة ندفع فيها ثمناً لتفرد أشخاص ومجموعات بعمليات الحديث للخارج بحجة الدفاع عن البحرين، والنتيجة أن الهدف الأساسي لا يتحقق بشكله المطلوب، أو نتيجة غياب الدور المؤثر للإعلام الخارجي الذي يقدم الحقيقة الداحضة في الخارج لكل من يتفلسف على البحرين، وللأسف ندفع ثمناً لنتيجة تساهلنا في إسكات كذب الإرهابيين وضبط حركاتهم الانقلابية ومساعيهم الخارجية لتشويه صورة البحرين، ندفع ثمناً لأننا نترك أبواقهم الإعلامية تنعق بالباطل وتشوه صورة البحرين، حتى إن جئنا نتحرك ونرد ونفند الأكاذيب، نجد أن العالم الخارجي صدقهم وبات يشكك فيما يقوله أصحاب الحقيقة.
حتى تعيدوا رسم الإستراتيجية الإعلامية بشكل صحيح، أولاً لا بد من تطبيق القوانين على من يمارس الإرهاب الإعلامي، والتضليل سواء في الداخل أو الخارج.