لو سألت أي شخص، معنياً كان بالسياسة أم بعيداً عنها، عن رأيه فيما صدر عن البرلمان الأوروبي أخيراً من قرار منحاز ضد مملكة البحرين لقال لك على الفور إنه عديم القيمة، مثله مثل أي بيان يتضمن تعاطفاً ومطالبات وإدانات وشجباً واستنكاراً لكنه لا يغير من الواقع شيئاً، فليس بمثل هذه البيانات والمواقف والقرارات يمكن حل مشكلة بحرينية داخلية، تماماً مثلما أنه ليس بالاستقواء بالخارج يمكن تحقيق المطالب، فليس هذا هو دواء «قرعتنا».
مثل هذه البيانات والقرارات، أياً كانت قوتها، وأياً كانت الجهة التي تصدر عنها، لا تحقق سوى أنها تشعر ذلك البعض الذي يعتبرها مهمة بأن هناك من يتعاطف معه وأنه لا يزال قادراً على إيصال صوته والتعلق بأمل كاذب. ما صدر عن البرلمان الأوروبي وما صدر عن غيره من بيانات وقرارات من قبل، وما سيصدر من بعد عنه وعن غيره من منظمات حقوقية وغير حقوقية، يخدم الجهات التي صدرت عنها ووقعت عليها أكثر من الجهة موضوع تلك البيانات والقرارات، فالقصة ليست إلا فرصة للمتاجرة بهذا البعض وغيره من الأبعاض، في البحرين وغير البحرين.
ما ينفع المشكلة البحرينية هو أن يعمل ذلك البعض على العودة إلى الوعي وأن يختار طريق العقل والحكمة وخفض سقف المطالب الذي لا يتماشى مع ظروف وطبيعة المنطقة وتطور الأحداث فيها، فليس من العقل والحكمة مثلاً المطالبة بإسقاط النظام لأن هذا غير ممكن واقعاً ومنطقاً، وهو أمر يعرفه كل أعضاء البرلمان الأوروبي وغيره من جهات أجنبية ومنظمات دولية، فليس وارداً أبداً تحقق هذا الأمر، لا الآن ولا بعد الآن، أياً كان حجم التغيرات في المنطقة، وأياً كانت قوة المفاجآت.
إسقاط النظام في البحرين أو في غيرها من دول مجلس التعاون أمر يؤكد المشتغلون في السياسة بأنه مستحيل، وهو يظل كذلك حتى لو فقدت إيران – التي يشد بها البعض ظهره – عقلها في لحظة ما وتدخلت عسكرياً. إسقاط النظام وارد فقط في خيال ذلك البعض الذي لا يزال يحرض من الخارج وينعم هو وعياله بالأمان.
ها قد مر أسبوع على صدور ذلك القرار أو البيان، فما الذي تغير؟ وما الذي يمكن أن يتغير؟ ليس صحيحاً أبداً أن الحكومة تتخوف من صدور بيانات أوقرارات من أي جهة دولية، وليس صحيحاً أبداً اضطرارها إلى عدم اتخاذ قرارات معينة بسبب ضغوط دولية أو الاستجابة لرأي أو توجيهات جهات معينة، فاتخاذ الحكومة قراراً في هذا الخصوص أو ذاك، في هذه الفترة أو تلك، يتم بناء على تقديرها للأمور وعلى معرفتها بما يجري ويدور في الداخل وفي المنطقة، وهي تراعي باستمرار مصلحة الوطن والمواطنين، فالقصة ليست قصة تحقيق انتصار هنا أو هناك، فمثل هذه الأمور لا تنظر لها الحكومة لأنها تنظر إلى كامل المشهد لا إلى جزء منه كما يفعل ذلك البعض الذي اعتبر نفسه معارضة وقادته قلة خبرته وفقر تجربته إلى الاعتقاد أن إصدار البرلمان الأوروبي بياناً أو قراراً أو توصية يعني أنه حقق انتصاراً.
لا بأس أن يفرحوا ويفرح من شارك في التصويت على مشروع القرار في البرلمان الأوروبي وكل من كان له دور في ذلك من قريب أو بعيد، لكن ألف بأس وبأس لو أنهم استمروا في الاعتقاد بأن هذا هو طريق حل المشكلة، ذلك أن مشكلتنا لا يمكن للآخرين أن يحلوها، فحلها بيدنا نحن أهل البحرين فقط.