اعتادت دول مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيس المنظومة الخليجية على مطلع ثمانينات القرن العشرين التعامل مع التحديات الخارجية التي تواجهها بدبلوماسية مفرطة، وكان لهذا التعامل مبرراته وأسبابه التي ارتبطت بحجم القوة السياسية التي تملكها هذه الدول، وانشغالها الكبير بالتزامات التنمية طوال العقود الماضية، وتخوفها من المجازفة بتغيير هذا النمط في مقابل الحفاظ على المكتسبات التي حققتها، سواءً على المستوى المعيشي أو الحضاري. لذلك رغم التحديات والتهديدات التي واجهتها فإنها لم تلجأ للمجازفة السياسية أبداً إلا في حالات نادرة جداً، كما هو الحال في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي. وكانت لها تجارب عديدة في مجال الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين لمواجهة التحديات العالمية المختلفة.
اختلفت التحديات والتهديدات التي تواجهها دول مجلس التعاون إقليمياً ودولياً عن السابق، فهناك غول كبير يجاور هذه الدول في الساحل الشرقي يسعى لإسقاط الأنظمة الخليجية الحاكمة صراحة، ووصل التمدد الإيراني إلى الدول الخليجية بخلايا نشطة ونائمة تعمل بهمة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الإيرانية، وتطورت المسألة بعد احتلال العراق في مارس 2003، وتكوّن بيئة مواتية للنفوذ الإيراني في بغداد، حتى تحوّلت تلك العاصمة العريقة إلى مصدر تهديد آخر للمنظومة الخليجية. وتعقدت المسألة بعد حرب اليمن ومساعي طهران لاحتلال صنعاء والانقلاب على الشرعية هناك.
هناك انقلاب أيضاً على مستوى التحالفات الدولية، فالحلفاء الإستراتيجيون الدوليون مثل واشنطن غيرت سياستها وتخلت عن حلفائها التقليديين، وصارت إلى طهران أقرب لأول مرة منذ الثورة الخمينية. وتكاثرت التنظيمات الإرهابية من القاعدة وحزب الله إلى داعش التي لم تستهدف إيران قط!
هذا المشهد الإقليمي والدولي المعقد كوّن بيئة غير مستقرة، وساعد على استقرار الفوضى حول إقليم الخليج العربي، ومازالت دول مجلس التعاون تتعامل معها بدبلوماسية مستمرة.
لذلك حان أوان تغيير الإستراتيجيات الخليجية في التعامل مع التحديات والتهديدات الإقليمية، ومازال هناك تجاهل مقصود لمصادر القوة الخليجية التي يمكن أن تغير معادلات الصراع السياسي على المستويين الإقليمي والدولي.
دول مجلس التعاون الخليجي تملك 1.3 مليار طن من البترول (27.5% من الاحتياطي النفطي العالمي المؤكد)، وتملك 4 صناديق ثروات سيادية تقدر قيمتها بأكثر من 2.3 تريليون دولار (تتجاوز القيمة السوقية لأربع شركات في العالم مجتمعة وهي: أبل، وإكسون موبيل، ومايكروسوفت، وغوغل)، كما تملك احتياطات نقدية تصل إلى 791 مليار دولار، وهو ما يمثل 6.6% من الاحتياطات النقدية العالمية. ويتجاوز شراؤها للسلاح 10 أضعاف شراء الولايات المتحدة للسلاح.
تلك مجرد مؤشرات مهمة من شأنها أن تعطي فكرة عما يمكن أن تقوم به دول مجلس التعاون وتغير إستراتيجياتها في التعامل مع التحديات والتهديدات بالمنطقة. فليس مطلوباً منها الآن سوى أن تتحول إلى خليجوكوندا تخشاه القوى الإقليمية والدولية، وهو ما يعني أن تكون قوة دولية مهمة قادرة على الاعتماد الذاتي في الحفاظ على مكتسباتها ومواجهة تهديداتها.
{{ article.visit_count }}
اختلفت التحديات والتهديدات التي تواجهها دول مجلس التعاون إقليمياً ودولياً عن السابق، فهناك غول كبير يجاور هذه الدول في الساحل الشرقي يسعى لإسقاط الأنظمة الخليجية الحاكمة صراحة، ووصل التمدد الإيراني إلى الدول الخليجية بخلايا نشطة ونائمة تعمل بهمة لتحقيق الأهداف الإستراتيجية الإيرانية، وتطورت المسألة بعد احتلال العراق في مارس 2003، وتكوّن بيئة مواتية للنفوذ الإيراني في بغداد، حتى تحوّلت تلك العاصمة العريقة إلى مصدر تهديد آخر للمنظومة الخليجية. وتعقدت المسألة بعد حرب اليمن ومساعي طهران لاحتلال صنعاء والانقلاب على الشرعية هناك.
هناك انقلاب أيضاً على مستوى التحالفات الدولية، فالحلفاء الإستراتيجيون الدوليون مثل واشنطن غيرت سياستها وتخلت عن حلفائها التقليديين، وصارت إلى طهران أقرب لأول مرة منذ الثورة الخمينية. وتكاثرت التنظيمات الإرهابية من القاعدة وحزب الله إلى داعش التي لم تستهدف إيران قط!
هذا المشهد الإقليمي والدولي المعقد كوّن بيئة غير مستقرة، وساعد على استقرار الفوضى حول إقليم الخليج العربي، ومازالت دول مجلس التعاون تتعامل معها بدبلوماسية مستمرة.
لذلك حان أوان تغيير الإستراتيجيات الخليجية في التعامل مع التحديات والتهديدات الإقليمية، ومازال هناك تجاهل مقصود لمصادر القوة الخليجية التي يمكن أن تغير معادلات الصراع السياسي على المستويين الإقليمي والدولي.
دول مجلس التعاون الخليجي تملك 1.3 مليار طن من البترول (27.5% من الاحتياطي النفطي العالمي المؤكد)، وتملك 4 صناديق ثروات سيادية تقدر قيمتها بأكثر من 2.3 تريليون دولار (تتجاوز القيمة السوقية لأربع شركات في العالم مجتمعة وهي: أبل، وإكسون موبيل، ومايكروسوفت، وغوغل)، كما تملك احتياطات نقدية تصل إلى 791 مليار دولار، وهو ما يمثل 6.6% من الاحتياطات النقدية العالمية. ويتجاوز شراؤها للسلاح 10 أضعاف شراء الولايات المتحدة للسلاح.
تلك مجرد مؤشرات مهمة من شأنها أن تعطي فكرة عما يمكن أن تقوم به دول مجلس التعاون وتغير إستراتيجياتها في التعامل مع التحديات والتهديدات بالمنطقة. فليس مطلوباً منها الآن سوى أن تتحول إلى خليجوكوندا تخشاه القوى الإقليمية والدولية، وهو ما يعني أن تكون قوة دولية مهمة قادرة على الاعتماد الذاتي في الحفاظ على مكتسباتها ومواجهة تهديداتها.