لماذا لم تصرف مستحقات العمل الإضافي للأطباء؟لقد قلنا مراراً وتكراراً لا ينبغي بأي حالٍ من الأحوال المساس بميزانية قطاعي التعليم والصحة، سواء في ظل الوضع المالي المستقر أو حتى في ظل الأزمات المالية والاقتصادية التي تضرب الدولة لأسباب كلنا يعلمها. فضعف التعليم ومخرجاته يعني أننا أمام جيل هجين وضعيف لمواجهة تحديات السوق والمستقبل، أما ضعف الرعاية الصحية فهذا يعني أن الإنسان يمكن أن يفقد ما يكفي للحفاظ على حياته لتكون الأمراض هي نهايته المؤسفة.يشكو العديد من أطباء مجمع السلمانية الطبي عدم صرف مستحقاتهم المالية المتعلقة بالساعات الإضافية أو ما تمسى اليوم «بالكولات» منذ بداية العام الحالي حتى هذه اللحظة، عدا القليل الذين تم صرف بعض مستحقاتهم وليس كلها. الصحة تماطل في صرف كل المستحقات وترمي بوعودها غير الصادقة بإعطاء الطبيب كامل حقوقه ومستحقاته المالية بشكل شفهي فقط، وهذا الأمر أدى إلى تهرب الكثير من الأطباء الذين يعملون بنظام «الكولات» المجانية أو المعلقة مالياً، لأنهم يدركون جيداً أنهم يعملون في نهاية المطاف داخل مؤسسة رسمية وليس في جمعية خيرية أو تطوعية ليكون عملهم الشاق دون مقابل!إن تهرُّب وزارة الصحة عن دفع مستحقات الأطباء يعني عدم إمكانية إجبارهم على العمل بصورة مجانية تحت نظام النوبات، أو في أقل التقادير يمكن لهؤلاء الأطباء الالتفاف على قانون ديوان الخدمة المدنية ليقدموا أعذاراً قانونية يتهربون من خلالها من البقاء لأوقات إضافية غير أوقات الدوام الرسمي، وهذا الأمر يؤدي إلى الضغط المباشر على طبيعة الخدمات الصحية المقدَّمة للمرضى وتأخير مواعيدهم أو عدم تقديم أفضل الخدمات لهم، كما يؤدي هذا الخلل إلى تحمل بعض الأطباء دون سواهم مسؤولية النقص الحاصل بسبب عدم قبول البعض الآخر من الأطباء العمل دون مقابل.هذا الوضع الصحي والمهني الذي يتسم بالفوضى والعشوائية داخل مجمع السلمانية الطبي، أدى إلى هروب الكثير من الاستشاريين إلى حيث الاستقرار الوظيفي للعمل في المستشفيات الخاصة، وهذه الهجرة الجماعية للاستشاريين من الكفاءات البحرينية أدت إلى تردي الأوضاع الطبية داخل مجمع السلمانية الطبي وتحمل بعضهم مسؤولية النقص الحاد الحاصل بسبب عدم صرف مستحقات الأطباء.كانت ساعات العمل الإضافي للطبيب الواحد بمجمع السلمانية الطبي تعادل نحو 156 ساعة، أما اليوم وبسبب تقليص هذه الساعات الإضافية، تفاوتت نسبتها من قسمٍ لآخر وذلك ما بين 40 إلى 90 ساعة كحد أقصى، إضافة إلى تقليل عدد أطباء العمل الإضافي-الكولات- حتى صار البعض منهم يغطون أقساماً لا علاقة لهم بها.يجب أن تتدارك وزارة الصحة هذه المشكلة قبل فوات الأوان، كما يجب أن تقوم بصرف كل مستحقات الأطباء المعطلة دون وجه حق منذ بداية هذا العام وما قبله حتى هذه اللحظة، فتجويد «الخدمات الصحية» مرهون دائماً بنوعية المعاملة الحسنة والعادلة التي يجب أن تقدمها وزارة الصحة لكل الأطباء في سبيل توفير بيئة آمنة ومريحة لعملهم دون وجود منغصات تؤثر على المريض بشكل مباشر.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90