قول النائب بمجلس الأمة الكويتي صالح أحمد عاشور إن «مشاركة مسؤول سعودي في مؤتمر للمعارضة الإيرانية بباريس يعطي ذريعة لإيران بالتدخل في الشؤون الخليجية»، وتأييد آخرين له، قول صحيح ومهم لو أن إيران لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية، لكن طالما أن إيران تتدخل في شؤون هذه الدول منذ سنين طويلة ومن دون أن تبالي بالجيرة أو بالمبادئ والقوانين الدولية فإن هذا القول لا قيمة له، فإيران لا تحتاج إلى ذريعة لتتدخل في شؤون دول الخليج العربي والتي تعتبر بعضها على الأقل تابعة لها وجزءاً منها، وتعتبر استردادها حقاً وواجباً والتزاماً.
منذ سنين وإيران تتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، ولا تزال. هذه حقيقة ثابتة، وما قاله الأمير تركي الفيصل في المؤتمر هو في كل الأحوال متأخر وكان ينبغي قوله وبقوة من قبل. ما قاله الفيصل لا يوفر ذريعة لإيران كي تتدخل لأن التدخل الإيراني حاصل ولأن إيران لا تهتم أساساً بموضوع توفر الذرائع، فهي من تقرر متى وكيف ولماذا تتدخل، أليس مرشدها ظل الله على الأرض؟ أليس هذا ما يبيحه له نظام ولاية الفقيه الذي رسخه الخميني كي تكون له ولمن يخلفه من الملالي السلطة المطلقة؟
إيران لا تحتاج إلى سبب لتتدخل في شؤون الدول الخليجية لأنها تعتبر هذا أمراً واجباً عليها وتعرف تمام المعرفة أن من سيطرت على عقولهم داخل إيران وخارجها سيعينونها على تحقيق ما تريد من دون حتى أن يسأل أحد منهم عن الذي يحدث. يكفي أن تقول لهم إن هذه إرادة الله ليرموا بأنفسهم في أتون حرب تأكل أخضرهم ويابسهم.
من يتابع هذه الأيام الفضائيات الإيرانية وتلك الممولة من إيران في العراق ولبنان وغيرهما سيلاحظ أن جل برامجها ستخصص لتوصيل رسالة محددة مفادها أن إيران لا تتدخل في شؤون الدول الخليجية وأنها بريئة من ذلك وأنها تحترم العلاقة مع الجيران وأنها لا تستحق كل هذا الذي قيل ويقال عنها، وسيلاحظ أيضا أنها ستعلن عن صواريخ وأسلحة تدميرية جديدة وقد تنفذ المناورات بغرض توصيل رسالة محتواها «نحن هنا .. ونحن أقوياء .. وأننا لو نريد التدخل في شؤون دول الخليج العربي لفعلنا وبسهولة».
لا كلمة الأمير تركي الفيصل، ولا مشاركته أو مشاركة مسؤولين آخرين من دول الخليج العربي أو البلاد العربية في ذلك المؤتمر، ولا دعوته ودعوتهم أو تأييدهم لدعوته لدعم المعارضة الإيرانية وتقويتها، ولا حتى دعوة السعودية أو مجلس التعاون لمريم رجوي لزيارة الرياض والعواصم الخليجية الأخرى، يمكن أن يوفر الذريعة لإيران للتدخل في شؤون الدول الخليجية، فهذا الكلام متأخر و»مأكول خيره» للسببين الموضحين هنا، فإيران ماضية في جنونها وفي غرورها وفي اعتقادها أن حل الملف النووي أتاح لها فرصة ترتيب أوراقها وتصفية حساباتها مع دول الخليج العربية.
ليس قول تركي الفيصل فقط هو ما ينبغي تأكيده وتكراره في كل مناسبة وفي كل يوم ولكن حتى العمل الذي يفترض أن يبدأ من الآن وبقوة لإيقاظ الشعب الإيراني المغلوب على أمره من سباته العميق ولإخراجه من الحالة السالبة التي تم إدخاله فيها عنوة حتى وصل إلى مرحلة صار يجد فيها أن من واجبه تقديم آيات الشكر والعرفان لحكومة الملالي فقط لأنها توفر له المناخ الملائم لإقامة شعائر العزاء على الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء.
الطريق الذي ينبغي تأكيده وتأييده ودعمه هو ما دعا الأمير تركي الفيصل إلى السير فيه، ذلك أن تجنب السير فيه يوفر لإيران الفرصة لمواصلة الغي والافتراء على كل الدول الخليجية.