تقول الأخبار وحسب الـ BBC بأن الشرطة الأمريكية أطلقت النار على رجل أسود في ولاية مينيسوتا فأردته قتيلاً في واقعة هي الثانية من نوعها خلال 48 ساعة. ويأتي الحادث في الوقت الذي تتواصل فيه المظاهرات في ولاية لويزيانا احتجاجاً على مقتل أمريكي أسود. وأطلقت الشرطة النار على شخص يدعى فيلاندو كاستيل في سيارته عندما كان يهم بإبراز رخصة القيادة، بحسب مقطع فيديو بثته صديقة كاستيل مباشرة على موقع فيسبوك. وكان أمريكي يدعى ألتون ستيرلنغ قد قُتل قبل أيام بنيران الشرطة في «باتون روج» بولاية لويزيانا مما أدى إلى خروج المئات من المواطنين احتجاجاً على عنف الشرطة لليلتين متواصلتين. ويأتي هذا الحادث وسط توتر في الولايات المتحدة، بسبب موت رجال أمريكيين من أصول إفريقية على أيدي الشرطة. وتحدث نحو ألف حالة قتل بالرصاص على أيدي الشرطة الأمريكية كل عام، لكن نسبة كبيرة من هذه الحالات تودي بحياة أمريكيين سود.
الدولة العظمى التي ما زالت حتى هذه اللحظة لم تتحرر بالكامل من فكرة العنصرية لا يمكن لها أن ترسل جيوشها وأساطيلها لأقصى الأرض من أجل نشر الديمقراطية الحقيقية، فالدولة التي تلهم شرطتها ورجالاتها ومرشحيها في أنحاء الولايات الأمريكية أن الرجل الأسود هو أقل قيمة من الرجل الأبيض لا يمكن لها أن تقنع العالم أن الديمقراطية الأمريكية هي «النموذج»، فقتل الشرطة الأمريكية للسود في وسط الشوارع وبدم بارد يؤكد أن أمريكا مازالت تحتاج الكثير من الوقت للتحدث عن فكرة تصدير الديمقراطية للشعوب الأخرى، فقتل الشرطة للزنوج وفي هذا الزمن المنفتح على العالم يذكرنا بالفتوحات العظمى للأمريكان حسب ما جاء في السرد الذي طرحه الروائي الكبير «أليكس هيلي» في روايته الخالدة «الجذور» والتي ما زالت ماثلة في ضمائر الأحياء، كما تسحبنا هذه الحوادث العنصرية لمغامرات الأمريكان في فيتنام واليابان وبقية الدول التي تمت هزيمتها بقنابل النابالم وبالقنابل الذرية وغيرها! قد يقول قائل، هل للعرب أن ينتقدوا الديمقراطية الأمريكية وهم يعيشون بلا ديمقراطية؟ ونحن نقول نعم، يحق لكل العالم انتقاد السياسة الأمريكية الخاطئة في الداخل الأمريكي وفي خارجه، فنحن لم نقدم أنفسنا للعالم كنموذج مثالي للديمقراطية، لكن واشنطن هي من فعل ذلك، وهي التي قدمت نفسها أُنموذجاً ملائكياً ليحتذي بها العالم. لكننا اليوم نقول لها، بئس الديمقراطية التي تنهض على دماء السود في الداخل ودماء الأبرياء في الخارج، فما تقدمه أمريكا من نماذج على شاكلة الشرطي الأبيض العنصري أو حتى على شاكلة المرشح الرئاسي «ترامب نموذجاً» يؤكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا لم تستطع حتى هذه اللحظة أن تتحرر مطلقاً من العنصرية الكريهة، فيكون حلمها بتصدير الديمقراطية للعالم يقف عند بوابة الزنوج في الداخل ويصطدم بدماء الأبرياء في الخارج. أمريكا، صححي الواقع ليتحقق الحلم.