من أسباب هلاك الشعوب، قائد يقود شعبة إلى حرب وصراعات ليس لها نهاية أو إلى حرب ليست حربه بالأساس، ذلك إما بسبب قلة حكمته أو قصر بصيرته أو تحالف غير مدروس أو بسبب عداوة لقائد آخر لدخول حروب دامية كما حدث مع العراق، وانجر وراء عدم الحنكة والتبصر شعوب كانت آمنة ومستقرة في أوطانها، توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق وجورج بوش الابن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق، أقدما على مشروع دام في حربهما ضد العراق التي لم تنته بعد حتى بعد خروج القوات الأمريكية والبريطانية من العراق، فالرئيس الأمريكي السابق لم يفكر إلا بشخصه ورد اعتباره من الرئيس العراقي صدام حسين وتوني بلير لم يفكر إلا بالتحالف مع أمريكا مهما تكن العواقب ولم يفكر الرئيسان بشعوبهما وبالشعب العراقي برغم رفض الشعب البريطاني والأمريكي لهذه الحرب التي كانت كما صورا للعالم تهدف إلى تغيير نظام صدام حسين، ومما لا شك فيه أنها كانت حرباً غير قانونية منذ البداية.
اذكر عندما شنت أمريكا وبريطانيا حربهما على العراق – وكنت حينها أعيش في بريطانيا – أذكر أن الشعب البريطاني رفض رفضاً تاماً هذه الحرب، لأسباب عدة من أهمها أن الشعب لا يريد أن يشارك الجيش البريطاني في حرب ليست حربه ولا يريد أن يزج بأبنائه العسكريين في الهلاك لأنهم يعلمون أن توابيتهم ونعوشهم جاهزة لكل من يخوض حرب ظالمة، كما إن الشعب البريطاني يدرك تماماً بأن التقارير التي أصدرت بحق العراق تقارير باطلة وغير قانونية، وأن باستطاعة الأمم المتحدة إيجاد حلول سلمية بعيدة عن حروب طويلة تستنزف كل الطاقات، وأذكر أيضاً خروج جموع غفيرة، آلاف من المواطنين البريطانيين والجاليات المختلفة والحقوقيين في اعتصام مهول في شوارع لندن لرفضهم هذه الحرب، إلا أن « المخ لما يصير جزمة أعزكم الله « يفقد الفكر السديد والحكمة الرشيدة، وكان ما كان من الحرب، وأذكر أيضا كيف صور الإعلام الأجنبي فرحة بعض العراقيين في الخارج بهذا الغزو الغاشم وكيف استقبلوا ذلك بالرقص والغناء- وأحسبهم نادمين الآن - وكنت حينها أتساءل كيف للشعب أن يفرح لحرب ضد وطنه ونحن نعلم بأن هذه الحرب ليست عادلة فقد قتل المواطنون واغتصبت النساء وشرد الأطفال ونهبت خيرات الوطن، فبرغم خشية المواطن العراقي من نظام صدام حسين إلا أن مظاهر المدنية والتعليم والعزة والقوة واضحة في كل شارع وقرية ومدينة آنذاك في العراق، لكن للأسف بعد «خراب بصرة» لا آسف على ما فات كيف كانت العراق مسلحة بعلم أبنائها وكيف أصبحت العراق مشتتة بفعل الغزو والإرهاب، كل ذلك بسبب تحالف بوش وبلير الشيطاني. بلقيس ملكة سبأ، امرأة حكمت شعباً قوياً لأنها كانت قوية الحكمة والبصيرة قالت كلمة لو اتخذها كل قائد حلقة في أذنه ما جر شعبه إلى متاهات الحروب والشتات والضياع قالت عندما أرسل إليها سليمان الحكيم خطاباً يدعوها إلى الإسلام، قالت وهي تتفكر كيف ترد عليه بعدما ألقى قومها عليها مسؤولية القرار ( قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون)، هذه ملكة سبأ وفكرها الصائب في عدم الدخول في حروب قد تكون طويلة فهي لم تكن تمتلك التكنولوجيا أو التعليم في أرقى الجامعات كما بوش الابن أو توني بلير ولكنها كانت بصيرة وحازمة في هذه الأمور، أما توني بلير فلا يملك إلا الأسف والاعتذار لشعب ضاع مع قراره الدامي الأمن والأمان لشعب كان آمناً، ولكن هل يمكن لبوش الابن وبلير المثول للتحقيق لدورهما في جرائم حربهما على العراق؟ وهل يمكن تغيير القانون باعتقالهما ومساءلتهما ومحاكمتهما في المحاكم الجنائية بعدما تبين عدم مشروعية الحرب ضد العراق كما فعلوا في محاكمة صدام حسين؟ هذا الأمر يحتاج وقفة من الشعب العراقي وأهالي قتلى الحرب من الجنود الأمريكيين والبريطانين لأنهما ضحايا القرارات غير القانونية.