أردوغان يشكر المعارضة التركية لأنها انحازت «للدولة» و لم تخنها، لأنها تمسكت بحلفها وقسمها على الدستور ولم تحنث به، معارضة رمز للإيثار لا للانتهازية، تلك هي ما يسمى «معارضة»، تلك هي المعارضة على أصولها، وطنية تضع الدولة وأمنها واستقرارها وعقدها الاجتماعي فوق أي اعتبار، تضع المصلحة الوطنية في موضعها وتعرف ماذا يعني وطن، فهل تعلمتم الدرس؟
فليتعلم منها من حنث بقسمه وخان شركاءه وانحاز لحراك مشبوه تحركه دولة أجنبية يعرفها جيداً ويعرف من وقف من عملائها منهم أول يوم ودعا لإسقاط النظام في البحرين، وبدلاً من رفض العمالة الأجنبية والاعتراض كما فعلت هذه المعارضة التركية الوطنية وتنحاز لدولتها ولدستورها، انحازت من أطلقت على نفسها شرف (المعارضة) للخائن وخان شركاءها ووطنها بدعوى (وحدة الصف)! عن أي صف تتحدثون؟ أي صف إن لم يكن وطنياً شاملاً جامعاً فإنه صف خائن انتهازي مقيت لن يذكره التاريخ إلا بهذه الصفة.
لهذا نرفع القبعة لا لأردوغان ولا لحزب العدالة والتنمية بل نرفعها للشعب التركي بكل فئاته بما فيهم المعارضة، الذي خرج يتصدى لانقلاب أجنبي فائح الرائحة وتزكم خيانته الأنوف، انقلاب فاشل جربت فيه الولايات المتحدة الأمريكية حلقة جديدة من حلقات مشروعها الفاشل «بفوضاه الخلاقة» و تنبهت له المعارضة الوطنية مبكراً فنزلت هي الأخرى للشارع وأعلنت بلا مواربة ومنذ الساعات الأولى رفضها له، تلك هي المعارضة الحرة المحترمة التي نرفع لها القبعة لا لقطيع يتبع فقيهاً هو رئيس لدولة أجنبية ويريد أن يسمي نفسه (معارضة)!!
فرحنا لفشل الانقلاب إنما لسنا كالإخوان الذين فرحوا لفشل الانقلاب فرحهم بزعيم يعتقدون أنه سيعبأ بهم إن تعارضت مصلحة دولته أو حتى مصلحة حزبه مع مصلحتهم، مع زعيم طبع مع إسرائيل غير عابئ بمعاناة الفلسطينيين وزعيم أدار ظهره لسوريا والتفت للدب الروسي بعد أن رأى الفخ الأمريكي ينصب له، لم يستشر ولم يعبأ بمعاناة الشعب السوري أو مصلحة أي دولة عربية، والحق أنه ليس معنياً بها، وهو حر يبحث عن مصلحة بلاده، فلم ولن نكون موهومين بحلم الخلافة التي يسوق لها نفسه، وليت «الإخوان « في الخليج يفيقون من هذا الوهم فهم وجماعة الولي الفقيه سواء، كل من صفق أول أمس إما فرحاً لزعيم فارسي أو فرحاً لزعيم تركي فالاثنان في ضياع كمشجعيْ فريقين رياضيين قتلا وهما يتشاجران دفاعاً عن فريقين أو زعيمين لا يعبآن بهما معاً... أفيقوا هداكم الله.
فرحنا بفشل الانقلاب لأنه فرح بفشل مشروع الفوضى الخلاقة التي أريد لتركيا أن تكون ضمن حلقاته لتغرق المنطقة في بحر الدماء، نحن مع ثبات الدول واستقرارها ومع إكمال البناء وإصلاحه لا الهدم، لا مع هذا الحزب أو ذاك.
ما يهمنا اليوم أن يتعلم الاثنان الدرس من المعارضة التركية ومن الشعب التركي الذي لم يحمل أي منهم صورة لأردوغان بل حمل الجميع العلم التركي: الإخواني وهو يقول الله أكبر أو العلماني وهو ينشد السلام الوطني التركي أو حتى الإلحادي وحتى من هو ناقم على النظام ومن هو عاطل عن العمل ومن لديه مظلمة كلهم دون استثناء خرجوا للشارع رافعين العلم التركي فقط ولا شيء غيره كلهم دافعوا وانحازوا للدستور وللدولة العلمانية جنباً إلى جنب، فهل يدرك ذلك أذناب إيران، الذين فضحوا أنفسهم للمرة الألف واستعجلوا (على رزقهم) مثل كل مرة ولم ينتظروا لعدة ساعات حتى تتضح الصورة (نصيحتي لهم اتركوا عنكم التويتر فإنه يفضح ما في الصدور نتيجة الاستعجال ويكشف وجهكم القبيح) فرحكم انتصاراً لفقيهكم الذي لا يراكم إلا مجرد حشرات عربية سيدهسها إن وطئت قدماه أرضكم، تعلموا معنى الشرف والوطنية من هذه المعارضة، تعلموا معنى الانحياز للعهد وللقسم الذي أقسموا عليه، تعلموا معنى الخصومة السياسية التي وإن طالت مع النظام لكنها تنحني للعلم وللأرض وللعهد والميثاق والدستور وتحترم كلمتها، إنه الانحناء الذي يرفع الهامات... إنه الوطن يا غبي !