من منا نام ليلة أمس؟ أنا أجزم بأن كافة أعين العالم العربي والغربي كانت ساهرة على قضية المخطط الانقلابي الفاشل في تركيا. فهناك من كان يترقب ويتربص بحماس لإسقاط تركيا وهناك من يدعو لإبقاء تلك الإمبراطورية العثمانية العظيمة بكل قوة وثبات وإصرار كما عهدناها دائماً... مصدر قلق للأعداء.
وتختلف الثورة عن الانقلاب، فالثورة هي التي يشترك فيها الشعب أو غالبيته للمطالبة بتغيير نظام الحكم أو إصلاحه أو إسقاطه، سواء استخدم الوسائل السلمية أو غير السلمية، بينما الانقلاب هو قيام مجموعة محددة (عسكرية كانت أو مدنية) لا علم للشعب بعملها بالانقلاب على الحاكم أو نظام الحكم وإسقاطه والجلوس على كرسي الحكم بدلاً عنه.
وبالطبع، فإن ردت فعل الشعب التركي من التفافه المبهر حول قائدهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد مخطط الانقلاب العسكري لأجمل تفسير لمعاني اللحمة الوطنية، ولأرقى نموذج يشهده التاريخ كفاحاً من أجل إبقاء عزة تلك الدولة من خلال بتر أي تدخل غربي فيها وذلك خلال خمس ساعات فقط.. كفاحاً من أجل أمن وأمان تركيا.
هل تعلمون ما هو الأمن؟... وما هو الأمان؟ تتحقق الأولى عند تولي الجهات المختصة منع وقوع الجرائم أو الاعتداءات على المجتمع لتكوين حالة الأمن، أما الثانية فتتكون لدى الشخص حين يشعر باستقرار وطمأنينة ينتفي معها القلق والخوف من أي شيء. ولعلي أذكر في هذا المطرح قول زميلتي ممثلة أحد منظمات المجتمع المدني في فلسطين المحتلة والتي التقيت بها في المؤتمر السنوي لجمعية الأمم المتحدة بمدينة نيروبي – إفريقيا، مستنكرةً الأزمة التي مرت بها مملكة البحرين سابقاً: « إن شعب البحرين يتغنج!»، أي: يتدلع، وأردفعت بأنها أحياناً تخاف من أن تنام على سريرها لأنه يلاصق النافذة التي قد تودي بحياتها وذلك عند اشتعال فتيل إطلاق النار، وذلك كما حدث لوالدها. ولذلك فهي تنام على الأرض، وأشارت أيضا بأنها لا تستطيع الخروج من المنزل بأي وقت لتناول الغذاء أو حتى شرائه، وقد تنام جائعة خوفاً على سلامتها من ذئاب الأعداء المحتلين. كما قالت بأنها كثيراً ما تقوم بتجهيز حقائبها للسفر للمشاركة المؤتمرات، إلا أن السلطات المحتلة غالباً ما تقوم بمنعها من السفر لدواعي غير معروفة ضاربين بالقانون وبالحرية المنصوص عليها في الدستور عرض الحائط.
عندما نرى واقع تلك الحياة المؤلم، فإنه يتوجب علينا حمد الله تعالى كثيراً على نعمة الأمن والأمان في مملكتنا الغالية مملكة البحرين، ودعوته تعالى دائماً بحمايتها من كيد الكائدين ومكر الماكرين... تلك الدرة الرصينة التي تفعم بإنجازات حقوق الإنسان، بالحق في الأمن والأمان، بحق الحياة الكريمة، بحق التجول والسفر، بحقوق المرأة، بحقوق الطفل، بحرية الأديان.. تلك المملكة المزدهرة التي مازالت تتطور من أجل مصلحة الوطن والمواطن في آن واحد في ظل قيادتنا الحكيمة بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى حفظهم الله.
قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم». وقال تعالى: «ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربي». فالاختلاف سنة من سنن الحياة والطبيعة البشرية التي يملكها الإنسان والتي تحتم الخوض فيه، لكن عندما نتعايش من أجل زرع الحقد والكراهية في المؤسسة الوطنية، والعمل على الإطاحة بكل ما يدعمها ويساندها، فإننا نكون كمن يقتلع عينيه ويضعها في طرد جميل لإرساله لأصدقائه خارج البلاد!
أيها الشعب البحريني الأصيل.. أسألوا السياح الأجانب عن رأيهم في مواطني البحرين، لطالما قالوا بأنهم شعب فريد من نوعه يختلف عن كافة الشعوب الخليجية والعربية، شعب سمح وكريم وودود. ولذلك، فلنستمر بسماحة قلوبنا بدعم بحريننا ضد أية أطماع خارجية بشعة فيها... فلنأخذ رسالة الشعب التركي لكافة الشعوب درساً بالحفظ والصون، لنتكاتف معاً من أجل رصف وإعلاء قواعد التعايش السلمي فيما بيننا... من أجلنا.. من أجل أمننا.. من أجل بحريننا.