حينما وقف أمين عام جمعية الوفاق قبل بضع سنوات داخل «قفص زجاجي» في أحد تجمعاتهم، وقال بنبرة تحد للدولة «تحلمون»، قلنا يومها بأن الحالم وحده، هو «خادم» الولي الفقيه، وأن من سيسقط هو ومرجعه وجمعيته ومن ورائهم الأطماع الإيرانية في البحرين.
قلناها بأننا نحن «الباقون» حتى تسقط الوفاق، وهاهي بالفعل الوفاق التي باعت البلد تسقط، ويسقط معها كل «حلم» باختطاف البلد وتحويله لـ«هدية» تمنح لخامنائي إيران، مثلما منح العراق هدية ثمينة لهم.
الجميل في المسألة كلها أن الإجراءات التي اتخذتها مملكة البحرين عبر أجهزتها القضائية والأمنية، جاءت بطريقة احترافية وبأسلوب صريح، من خلالهما يتضح «علو» كعب الدولة في تعاملها مع الملف الأمني، وعدم انجرارها لأفخاخ تنصبها الوفاق ومن معها، لتسجل من ورائها حالات تعامل توصف على أنها «انتهاك» للحريات أو «عنف».
الوفاق ومن معها في كل ما فعلته، منذ بداية مرحلة «الانقلاب الفاشل» في 2011 وحتى يومنا هذا، كانت تراهن على «الدم»، كان هدفها «الجثث» الناتجة عن التصادمات مع أجهزة الأمن، وذلك بسعي «المتاجرة» بها في الخارج، وعبر تسويقها إعلامياً لتشويه صورة البحرين.
الوفاق «استماتت» و«قاتل» عناصرها ومن يتبعهم من «جوقة» الانقلاب، من جمعيات وأذيال تابعة، استماتوا جميعاً في سبيل تصوير البحرين على أنها تعايش وضعاً أصعب من سوريا، وأخطر من العراق، وكوارث أكبر من «الكوارث الحقيقية» بحق البشرية الحاصلة في إيران.
وعليه فإن حل هذه الجمعية التي تصدرت مشهد الانقلاب ومساعي إسقاط النظام البحريني، يأتي اليوم بعد خمسة أعوام، استنفذت فيها الدولة كل الفرص الممنوحة لهم لإعادة النظر في توجهاتهم الانقلابية، وفي انتماءاتهم المرتبطة بالخارج وتحديداً بإيران الطامعة للأبد في البحرين، وفي تحريضهم على العنف، وفي تغطيتهم ودفاعهم عن الإرهابيين وممارسي الفوضى ورامي المولوتوفات.
خمسة أعوام، تعاملت فيها الوفاق بكل «غباء سياسي» مع الدولة، هذه الدولة التي لو أرادت إنهاء «منابع» التمرد فيها، و«بؤر» تصنيع الإرهاب، لكان لها ذلك بكل سهولة، لكن المشكلة كانت في عقلية من يقودون «انقلاب الكراهية» على بلادهم، حينما ظنوا بأن سقوط النظام في البحرين سيتم بمجرد صراخ علي سلمان في جماهيره بأن النظام البحريني «يحلم»، وبمجرد قول عيسى قاسم للشباب وأمره إياهم بـ«سحق» رجال الأمن. هاهي الوفاق اليوم تنتهي، وهي بالنسبة لنا ليست نهاية «جمعية سياسية وطنية» تعمل لأجل البحرين، بل هي نهاية جمعية «انقلابية» وقفت وحشدت الناس ودفعتهم للعمل من أجل الشعار الذي وضعه علي سلمان وجوقته فوق رأسهم في منصة الدوار «باقون حتى إسقاط النظام». مشروع جلالة الملك حفظه الله جاء في أولى خطواته ليمنح الجمعيات حرية التشكيل والعمل بحرية وبوجه مكشوف داخل البلد، وكانت الوفاق إحدى نتائج الاستفادة من خطوات الدولة، لكنها وطوال 15 عاماً لم تعمل بـ«هدف خالص» لأجل البحرين، بل سعت وسعت لأجل اللحظة التي قفزوا فيها للدوار في 2011، عملت لأجل أن يحقق علي سلمان «حلماً قديماً» صرح به في لندن في فترة الثمانينات والتسعينات بأنه «سيحكم البحرين»!
مشكلة «المعارضة الانقلابية» لدينا في البحرين، أنها أثبتت مراراً أنها معارضة غير وطنية، نعم هي غير وطنية بامتياز، فالمعارضون في أوطانهم، هم أولئك الذين لا يهمهم أحد خارج وطنهم، ولا يستقوون به، ولا يسكتون عنه إن حاول النيل من بلادهم، وهو الأمر الذي قدمت فيه المعارضة التركية قبل أيام نموذجاً صريحاً وواضحاً لشكل المعارضة الوطنية، لكن من لدينا هنا، من وفاق ونفاق وأذيال لها، يدعون بأنهم وطنيون، يدعون بأنهم يريدون خير أهل البحرين، لكنهم لا يجرؤون، ولا واحد منهم، على إصدار «حرف» إدانة صريح بحق إيران ومرشدها الخامنائي ومسؤوليها حين يهاجمون البحرين باستمرار، والله لم تجرؤ الوفاق على ذلك، ولا حتى أتباعها الخانعين ممن يصفون أنفسهم بأنهم تيارات ليبرالية يسارية، والله لم يجرؤوا على إدانة إيران بحرف، رغم أن التهديدات الإيرانية واضحة وصريحة بحق البحرين.
لذلك حينما سيتباكي اليوم بعضهم وبعض فلول الوفاق، وبعض أتباعهم، وطبعاً صحيفتهم وإعلامهم المتخصص في «دس السم» بين سطوره، حينما سيتباكون عليها، سيتضح حجم الألم من قدر الصراخ، فهاهي واجهة الانقلاب التي استهدفت به البحرين تتهاوى وتنتهي، ويحسب للدولة وملكها حفظه الله طولة البال وسعة الصدر.
البحرين مقبلة على مرحلة مختلفة، مرحلة فيها «الحزم» الذي يطبق بكل حصافة وحرفنة، رؤوس التحريض الذين تحدوا الدولة والقانون، هم يمثلون اليوم أمام القانون، خادم الولي الفقيه محاسب بالقانون، وممثل الخامنائي المسقطة جنيسته عليه المثول أمام القضاء البحريني، وطبعاً ترقبوا «التمثليات» التي سيقومون بها الآن من وعكات صحية وبكائيات، أموال جمعت بأسلوب الخش والدس باستغلال البشر صادرتها الدولة، هي أموال تدعم الإرهاب الذي يستهدف البحرين ولا شيء آخر.
عاصفة «الحزم البحرينية» هي التي تعلو كلمتها اليوم، هاهي الوفاق تسقط، وأركان الانقلابيين تتهاوى، ولا صوت سيعلو بإذن الله إلا صوت المخلصين للوطن.