بعد حل جمعية الوفاق وبعد إحالة قضية المدعو عيسى قاسم إلى المحكمة، مملكة البحرين تخير أفراد جماعة الولي الفقيه وغيرها من الجماعات الدينية، إما أن يعمل الفرد منكم ويتمتع بحقوقه ويمارس نشاطه السياسي ضمن الأطر القانونية لمملكة البحرين، وإما سيكون القانون البحريني له بالمرصاد.
مملكة البحرين تخير أفراداً ينتمون للجماعات الدينية إما «الدولة» وإما «الجماعة» ذلك هو الخيار الذي قدمته مملكة البحرين إلى جماعة الولي الفقيه وإلى أي جماعة أخرى بعد الإجراءات الأخيرة التي حلت فيها كل كيانات الجماعة التي أرادت أن تحتكم لأي مرجعيات غير قانون مملكة البحرين، فالأمر لا يستقيم في الجمع بين الاثنين تلك هي بحرين المستقبل، مملكة دستورية ديمقراطية لا امتياز فيها لأي إنسان يعيش على هذه الأرض يضعه فوق قانونها، شيخ دين كان أو شيخ قبيلة كان.
دولة القانون هو شعار المرحلة القادمة، وبناء عليه ليس لأحد أن يتمتع بأي حق كان ويمارس أياً من الأعمال السياسية أو المدنية أو التجارية أو الدينية أو يمارس أي نشاط، إلا ضمن ضوابط قانون مملكة البحرين، زمن الاستثناءات والخصوصيات انتهى.
لا يجمع بين قوام الدولة وثوابتها وبين جماعة تريد لنفسها حقوقاً خارج إطار الدولة الدستورية، إما هذه أو تلك، فلا مجلس غير مرخص ولا حزب لا يلتزم بالقوانين ولا جمع للأموال خارج القانون ولا خطابة على منابر مخالفة للقانون، ولا ممارسة لأي نشاط تحت مظلة غير مظلة قانون مملكة البحرين.
ومن الآخر نقول الآن لكل المنابر والصحف التي ستصدح، لا تستنجد بخصوصية مذهبية، ولا تستنجد بالعهود أو الاتفاقات الدولية، ولا تستغيث بكيري أو ميري أو اتحاد أوروبي أو خارجية أمريكية، عزيزي المواطن البحريني أمامك قانون مملكة البحرين ولا مرجعية غيره.
من بعد هذه الإجراءات التصحيحية ومن بعد التأكد بأنه لا عودة عن القانون ونصابه، ممكن أن ننظر للمستقبل لا للماضي، ننظر إلى العمل والبناء والتطور والنماء والانفتاح وإلى المصالحة وإلى الوحدة الوطنية، إنما بعد أن يطبق القانون ويأخذ مجراه وليس قبله وليس أثناءه، بعد التأكد بأن القانون لن يتراجع -ككل مرة- ولن يتردد ولن يتهاون، لأن تلك الجماعة تنتظر لحظة التراجع وتراهن عليها كما جرت العادة، ها هم هذه الأيام يجربون اختراقه إعلامياً تارة ويخترقون قانون المسيرات والتجمعات تارة، ويخترقون قانون الخطابة تارة، يجسون النبض ليروا مدى جدية الدولة «تهاونت أم صمدت؟» فإن رأوا تهاوناً تمادوا.
في حال التزمت الدولة بتطبيق القانون دون تهاون وصمدت بحزمها ضد تلك المجسات على كل متجاوز في الحال ودون تأخير، واستدعت من سيجس النبض هذه الأيام وحققت معه وأحالت من تراه شكل قضية ومخالفة للمحاكمة دون أن تظن أن تطبيق القانون قمع أو تضييق بل تأديب وتهذيب واحترام للدستور وللدولة بعد أن أهينت واستهين بها، فإننا نستطيع بعد ذلك أن نقول إن التصحيح قد تم.
بعدها نستطيع أن ننظر إلى المملكة البحرينية الدستورية التي يجيز دستورها العمل السياسي إنما ينظمه بقانون وتطبق مؤسساته المعنية هذا القانون ولا تضعه في أدراجها، دولة يتمتع فيها المواطن بحقوقه السياسية إنما دولة فيها انضباط لا تسيب في تنظيم هذا الحق. بعدها سننظر للبحرين التي بها 22 حزباً سياسياً لا للبحرين التي حلت أحد الأحزاب السياسية، ننظر للبحرين التي بها المجال واسع لانخراط المواطنين رجالاً ونساء بالعمل السياسي والشأن العام، لا دولة حلت كيانات وطبقت القانون على أفراد أرادوا أن يكونوا دولة داخل دولة.. بعدها سنعرف أننا نعيش مواطنين في ظل «دولة» أم نعيش في ظل «جماعات» تحت مسمى دولة.