ما يريده المواطنون والمقيمون من أتباع أي دين أو أي مذهب من الدولة التي ينتمون إليها ويقيمون فيها هو أن تضمن لهم حرية العقيدة والعبادة وتوفر لهم الظروف المعينة على تحقيق ذلك في جو آمن، ولأن البحرين مثال يحتذى – بالفعل وليس بالقول – في التعايش والتسامح وحرية العقيدة لذا فإن أحداً من أتباع الديانات المختلفة أو المذاهب وعلى وجه الخصوص المذهبين الكريمين والمكونين الأساسيين لشعب البحرين «السنة والشيعة» لا يستطيع إلا أن يؤكد هذه الحقيقة ويعترف بها ويثني على الدولة التي تحاسب المواطن والمقيم والزائر على أخطائه باعتباره مواطناً أو مقيماً أو زائراً وليس باعتباره منتمياً لهذا المذهب أو ذاك الدين، فالبحرين اليوم دولة مؤسسات يحكمها القانون. عندما أرتكب خطأ ما وأتجاوز القانون فإن الدولة تحاسبني على اعتباري مخطئاً ومتجاوزاً وليس على اعتبار أنني منتم إلى هذا المذهب أو ذاك، أو هذا الدين أو ذاك، أو هذا الفكر أو ذاك، أو ما إذا كنت موالياً للحكومة أو محسوباً على «المعارضة». في مملكة البحرين تحاسب الدولة المخطئ على خطئه وعلى تجاوزه القانون، وكل ما تفعله في هذه الحالة هو أنها تطبق القانون. ليس مقبولاً مني أن أخطئ وعندما تأتي الدولة عبر مؤسساتها المعنية لمحاسبتي أقول إنها تفعل ذلك لأنني أنتمي إلى هذا المذهب أو غيره، ذلك أن الجميع سواسية أمام القانون. أليس هذا هو ما ظل المواطنون يطالبون به في السنوات الماضية؟ الخلط بين تجاوز القانون والمذهب في السنوات القليلة الماضية سببه واضح وهو حرف البعض المطالبات الوطنية التي أجمع عليها شعب البحرين بكل طوائفه وفئاته وحصرها في أتباع مذهب بعينه وصبغ «المعارضة» بهذه الصبغة الطائفية. ولمن لا يعرف كثيراً عن الذي حدث هنا قبل خمس سنوات ونيف هو أنه كانت لشعب البحرين مطالبات وافقته عليها الحكومة إلا أن البعض قام بحرف تلك المطالبات والمتمثلة في إجراء إصلاحات معينة تعين على ارتقاء حياة المواطن البحريني وأخرجها في صيغة طائفية وحاول الاستفادة من الادعاء بالمظلومية خصوصاً بعدما وجدت الشعارات التي صار يرفعها القبول من بعض المنظمات الدولية، والحقوقية منها تحديداً وحصل على وعود بالدعم والمساندة من دول بعينها. هنا ظهرت الأمور بشكل مختلف ولم يعد أمام الدولة سوى التعامل مع ما يجري بشكل جاد وحاسم خصوصاً بعدما استنفدت كل محاولاتها لحل المشكلات العالقة بالطرق المعهودة.الخطأ الكبير الذي وقعت فيه «المعارضة» هو أنها حرفت المطالبات وصبغتها بصبغة طائفية فظهر الأمر وكأن الشيعة فقط هم من لديهم مطالب وهم «المعارضة»، وبالتالي صار تعامل الدولة مع أي تجاوز يفهمه العالم على أنه تعامل مع الشيعة دون غيرهم. ربما لم يكن هذا مقصوداً ولعله كان خطأ لم تنتبه له «المعارضة» بسبب قلة خبرتها، وربما يكون مقصوداً أو على الأقل جرت الاستفادة من الواقع الجديد وتوظيفه لدعم ادعاءات «المظلومية». المهم أن من حرف المطالبات في فبراير 2011 صار يقول إن الدولة تستهدفه وأنها تفعل ذلك فقط لأنه ينتمي إلى المذهب الجعفري وبالتالي فإن المذهب وأتباعه صاروا في خطر يستوجب التدخل الدولي، «فهناك أتباع مذهب ومكون أساس من مكونات المجتمع البحريني يتعرض للخطر ويعاني من المظلومية». من يقرأ البيانين الصادرين عن الأوقاف الجعفرية ووزارة العدل بشيء من التأني والموضوعية سيتبين أن ما قيل أخيراً عن استهداف الدولة لأتباع المذهب الجعفري فيه الكثير من المبالغات وأن «العنوان الطائفي هو لحرف الأنظار عن المخالفات تجاه حكم القانون ودعم الإرهاب» كما جاء في واحد من البيانين. إبعاد المذهب الجعفري عن كل هذا الذي يحدث كفيل بتبين عدم استهدافه.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90