الولايات المتحدة تعلن عن قرارات من شأنها أن تعزز من موقف الشرطة لكن أحداً لا يقول إنها لم تنتصر لأولئك الذين قتلوا على أيدي أفراد منهم فقط بسبب لون بشرتهم، وكأن التمييز أمر عادي أو كأن ما حدث مراراً وتكراراً في بلاد أوباما لا علاقة له بحقوق الإنسان أو أن السود لا حقوق لهم .
فرنسا تعلن عن تمديد حالة الطوارئ بسبب الأعمال الإرهابية التي عانت منها أخيراً ولكن لا أحد ينتقدها أو حتى يتساءل عن حقوق المواطنين وخصوصاً العرب والمسلمين الذين من الطبيعي أنهم سيتعرضون بسبب هذا القرار إلى مضايقات وسيتأثر إيقاع حياتهم اليومي .
القرارات نفسها أو مشابهة لها يتم اتخاذها في الدول التي ترفع شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك لكن أحداً لا يعترض أو حتى ينبس ببنت شفة رغم أن تلك القرارات تتناقض مع الشعارات المرفوعة وقد تكون مخالفة لدساتيرها .
من هنا فإن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة واضحة هو لماذا إذا اتخذت مملكة البحرين قرارات أغلبها لا يرقى إلى تلك القرارات التي تتخذها «الدول الديمقراطية والتقدمية» ضج العالم ورفعت المنظمات الحقوقية العالمية وبعض الدول عقيرتها وانتقدتها بشدة وطالبت بإلغائها حتى من دون أن تعرف تفاصيل ما يدور وأسباب اتخاذ تلك القرارات ؟
في البحرين نؤمن بأن اتخاذ أي دولة لأي قرارات تخصها حق من حقوقها ونقول إنها لم تتخذ تلك القرارات إلا بعد أن وجدت أنها ضرورية ويمكن أن تحميها وشعبها من أذى حادث أو محتمل، لكننا أبداً لا نقول إنها مخطئة أو متجاوزة لالتزاماتها الدولية والاتفاقيات التي وقعت عليها .
كل الدول تعطل كل أو بعض التزاماتها وتعهداتها عندما يتعرض أمنها الوطني للخطر (لاحظ ما يجري في تركيا هذه الأيام) فمن غير المعقول أن تنتظر حتى تحصل على الإذن من جهة ما أو تتعدل بنود الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها لتتخذ ما يلزم من قرارات تحميها . هكذا فعلت وتفعل الولايات المتحدة ودول أوروبا وكل دول العالم بما فيها إيران التي يعتبرها البعض مثالاً ونموذجاً.
ليس هذا فقط، فالدول في حالات معينة تترك شعاراتها جانبا ولا تهتم بالتصريحات السابقة لمسؤوليها وتعلن أنه لا مكان في حساباتها لحقوق الإنسان ولا للديمقراطية والحريات، بل أن دولة مثل بريطانيا مارست حقها في التعامل مع مجموعات اعتبرتها مخربة فصرح رئيس وزرائها السابق ديفيد كاميرون وبوضوح أن كل من يستطيع أن يرفع حجراً لا يعتبر طفلاً وستتم محاسبته كما الشخص البالغ ، بينما لم تتردد الحكومة الإيرانية (المثال والنموذج) عن إيداع علماء الدين المتخذين موقفا من ولاية الفقيه السجون وضرب المتظاهرين بالعصي الكهربية وتعمد صدمهم بالدراجات النارية وتنفيذ الإعدامات في الشوارع ، والأكيد أن الحكومة الإيرانية لن تترك ما قاله أخيرا كروبي رجل الدين الإيراني المعارض عن رجال الدين الشيعة وتأكيده «أنهم ضحايا نظام خامنئي» ودعوته لهم بأن «يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان» ، لن تتركه يمر مرور الكرام .
ليس منطقا أن يكون لدول العالم المتقدم و «المتخلف» حق اتخاذ أي قرار يسهم في حمايتها من الأذى والمخاطر بينما لا يكون للبحرين مثل هذا الحق ، فمن حق السلطة في البحرين أيضا أن تحمي نفسها ، ومن واجبها أن تدافع عن شعبها وتجعله يشعر أنه في أمان . كما ليس منطقا أن يضع العالم البحرين في دائرة الضوء بسبب ادعاءات وأخبار ليست دقيقة أو مبالغا فيها بينما يتغاضى عن كل ما يحدث في الولايات المتحدة ودول أوروبا وغيرها من دول العالم .
من حق البحرين أن تحمي نفسها وأن تقف بصلابة في وجه كل من يحاول الإساءة إليها.