السؤال الذي أسمعه من الكثيرين هذه الأيام هو هل التطورات الأخيرة في الساحة المحلية والتي أبرزها حل جمعية الوفاق وتصفية أموالها وسحب الجنسية من عيسى قاسم واتخاذ قرار بمحاكمته يمكن أن يوصل إلى مرحلة مواجهة عنوانها العنف بين ذلك البعض والدولة؟ وهل ما تسعى الفضائيات «السوسة» وخصوصاً فضائية «العالم» الإيرانية إلى تسويقه من أن استمرار الحكومة في قراراتها الحازمة والمضي في الإجراءات التي اتخذتها سيوصل إلى مرحلة ما وصفه «أحد ضيوفها» بمرحلة «تفجر الدم»؟ هل تفسير تلك الفضائيات وذلك البعض تلك الإجراءات على أنها خطوة لتضييق الخناق على الشيعة من شأنه أن يدفع في اتجاه المواجهة الدامية؟
الواضح أن تلك الفضائيات ومن يقف وراءها يدفعون في اتجاه توصيل الأمور إلى هذه النقطة، فمنذ أن اتخذت الدولة تلك الإجراءات بدأوا في عملية الشحن التي يراد منها توصيل ذلك البعض إلى مرحلة رفضها جملة وتفصيلاً بربط الموضوع بـ«السلة والذلة». أما البحرين فماضية في إجراءاتها لوضع نهاية لفيلم الرعب الذي بدأ إنتاجه قبل خمس سنوات ليوصل إلى النتيجة المبتغاة والتي لم تعد خافية على أحد، لذا فإن تصريحات كبار المسؤولين فيها تؤكد أنه لا تراجع ولا خيار غير هذا الخيار.
لكن هل بالفعل يمكن أن تصل الأمور إلى مرحلة المواجهة العنيفة بين ذلك البعض والحكومة؟ الجواب المنطقي هو نعم طالما استمرت تلك الفضائيات في عملية الشحن والتحريض وطالما استمر ذلك البعض في عدم تمكنه من استيعاب ما يجري وما يراد منه وطالما استمر وزن الأمور بميزان العواطف واستمر الترويج لفكرة أن الدولة هنا تحارب الشيعة وتريد القضاء عليهم. لكن من الناحية العملية لا يمكن أن يحقق ذلك البعض ومن يقف من خلفه ويدعمه إعلامياً ومادياً أي مكاسب، ذلك أنه لا يمكن لهم مواجهة الدولة التي تمتلك كل الأجهزة التي تعينها على حماية نفسها وشعبها وحماية مكاسبها ومستقبلها، وكل ما يمكنهم فعله هو إشعال النيران في إطارات السيارات والتراسل مع المنظمات التي تبحث عن كلمات جديدة لتضمنها بياناتها التي لا تقدم ولا تؤخر.
هذه حقيقة ينبغي من «المعارضة» إجمالاً أن تنتبه إليها جيداً، فهي دون القدرة على المواجهة، ومن يقف وراء ذلك البعض لا يمكنه أن يغامر بالدعم العسكري مهما تطورت الأمور، لذا فإنه لا سبيل أمامها سوى الاحتكام للعقل الذي سيؤكد لها هذه الحقيقة وسيدلها على الطريق الصحيح، كما إن عليها أن تضع في اعتبارها كل ما يجري في المنطقة من أحداث وتطورات تؤكد أن اندفاعها العاطفي واندفاعها لخيار المواجهة العنيفة لا يمكن أن تكون في مصلحتها لا اليوم ولا في المستقبل.
حكومة البحرين اختارت الطريق الذي تبين لها أخيراً أنه لا بد من السير فيه، وتراجعها مسألة صعبة بل مستحيلة، لذا فإنه لم يعد أمامها خيار سوى المضي في الإجراءات التي بدأتها وتنفيذ القرارات التي اتخذتها بكل قوة وحزم، فإذا أضيف إلى كل هذا أن «المعارضة» بكل مستوياتها دون القدرة على المواجهة التي تتطلب قوة ونفساً طويلاً غير محكوم بالعواطف فقط وأن من ظلت تعتقد أنه سيمدها بغير المال والإعلام لا يمكن أن يغامر بتقديم غير هذا الدعم، لذا فإن الأمور تبدو واضحة ولا يمكن للنتيجة المتوقعة أن تتغير حتى مع حدوث تغيرات غير متوقعة في المنطقة.
استمرار ذلك البعض في عناده واستمرار «المعارضة» في عدم تمكنها من تقدير الأمور بشكل صحيح وعدم قراءة الساحة المحلية والإقليمية وما يجري فيهما من تطورات متسارعة وعنيفة قراءة صحيحة، من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً ويحشرهم جميعاً في زاوية يصعب الإفلات منها.