وجاء السادات ليأخذ على عاتقه استمرار المسيرة بأسلوب مختلف فقاد حرب أكتوبر المجيدة 1973 التي أعادت للجيش وللوطن وللعرب مكانتهم ومن هنا انطلق أصحاب النفط في رفع سعره لاستعادة حقوق شعوبهم من الشركات الاستعمارية التي كانت تبيعه للغرب بثمن بخس ويحصل أصحابه على الفتات. وهكذا الثورة تصحح نفسها وأيضاً الثورات كما يقول قانونها تأكل أبناءها عبر السنين. ولو نظرنا لأية ثورة بما في ذلك الثورة الفرنسية أو الروسية أو الصينية أو حتى الأمريكية نجد كثيراً ممن قاموا بها تنحوا أو تم تنحيتهم لاختلافهم مع القيادة التي أخذت تطور أساليبها لمواجهة التحديات التي لم تكن تدرك أبعادها عندما قامت في البداية. ومن هنا جاء تصحيح السادات بحركة 15 مايو ضد من أسماهم مراكز القوى وتغييره لكثير من السياسات تماشياً مع التغيرات العالمية سياسياً واقتصادياً ومع نظرية الواقعية السياسية في إدراك أبعاد العلاقات الدولية والإقليمية وهو ما لم يكن الثوار في عام 1952 مدركين لإبعاده الكاملة الحقيقية والمفاهيم والمعلومات الحقيقية المتصلة بها.
للأسف أساء الرئيس مبارك لتاريخه لخضوعه لإرادة أسرته. حقاً قال القرآن الكريم إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم.
ثورة مصر 25 يناير 2011 جاءت بنفس النموذج حركة شعبية أيدتها القوات المسلحة وقامت بحمايتها ولولا ذلك لكان شعب مصر بين لاجئين وقتلي ومشردين، والباقون يبحثون عن رؤية أو مخرج من خلال ممثلي الأمم المتحدة ولضجت منها الشعوب العربية والعالم بأسره لمواجهة مشاكلها ولتحولت لقاعدة للإرهاب تحت مسمي الإسلام -البعيد في جوهره عن ذلك- وربما أصبحت مصر تابعة لهذه الدولة الإقليمية أو تلك تحت أطروحات إسلامية زائفة. فهناك نظم ثيولوجية لأحفاد القياصرة وأخري ثيولوجية لأحفاد هولاكو وجنكيزخان وتمارس الإعدام لكثيرين من شعوبها ومفكريها وقضاتها وقادتها العسكريين بهدف فرض أنظمتها الديكتاتورية وطموحات قادتها الأبدية في السلطة.
وثورة 25 يناير 2011 في مصر كانت بقيادة نخبة من الشباب الوطني الطاهر ولكنه لم تتوافر له الخبرة السياسية أو الإدراك الكافي للسياستين الوطنية والدولية والتآمر الإقليمي كما عاني من غياب الرؤية الشاملة والكادر السياسي الثوري والقوة العسكرية الداعمة والمساندة والقدرة على التعامل مع الأزمات ومواجهتها ولهذا تم اختطاف ثورته وكانت عودة الحركة الجماهيرية الشعبية عبر ما سمي حركة تمرد على مدى أربعة شهور تعمل علانية بين الجماهير وليس كعمل سري. والحس الوطني للقوات المسلحة هو نفس نمط تحركها منذ ثورة أحمد عرابي تعبيراً عن مطالب الشعب وآماله وهو نفس ما حدث في 1952 وفي 25 يناير عندما رفضت القوات المسلحة توجيه بنادقها للشعب المتظاهر وهو ما حدث في 3 يوليو 2013. وهذا هو السلوك الوطني للقوات المسلحة المصرية
هذه هي مصر بهويتها وعقيدتها الدينية المتسامحة الجامعة التي تحتضن كل أبنائها إلا الذين في قلوبهم مرض وفي أعينهم عمى.
وبارك الله في مصر وشعبها وجيشها وشرطتها وقضائها وقوتها الناعمة من علماء ورهبان وأساتذة وإعلاميين ومثقفين ماداموا يضعون مصر دائماً في قلوبهم ونصب أعينهم.
وتحية لشعب مصر العظيم صاحب التاريخ العريق والحضارة الإنتاجية التي خلفت آثاراً لا مثيل لها والمسالمة إلا ضد من اعتدى عليها وعلى شعبها مثل الهكسوس والتتار وحلفائهم وأعوانهم وآشباههم.