هنا عبارة تستحق التأمل.. «السلطات الأمنية تعتقل عالم الدين الشيعي الشيخ «....» بحجة عرضه على النيابة غداً بتهمتي الصلاة والتجمهر»، فمثل هذه العبارة التي تكررت كثيراً في الفترة الأخيرة وخصوصاً منذ إعلان الحكومة أنها اتخذت طريق الحزم لوضع حد للفوضى التي يصر البعض على استمرارها، مثل هذه العبارة الملغومة المراد منها واضح وجلي وهو القول للمنظمات الدولية على اختلافها والحقوقية منها بشكل خاص إن في مملكة البحرين يتم اعتقال رجال الدين فقط لأنهم شيعة وأنهم يعرضون على النيابة العامة لا بتهمة التجمهر ومخالفة القانون فقط ولكن أيضاً بتهمة «الصلاة»، أي أنهم سيحقق معهم وقد يتم تحويلهم للمحاكمة وقد يحبسون فقط لأنهم صلوا في المساجد!
ولكن هل لعاقل في العالم أن يصدق مثل هذا الكلام؟ هل يعقل أن تتخذ دولة إسلامية يؤكد دستورها على أن الإسلام مصدر أساسي للتشريع مثل هذا الإجراء ضد أحد فقط لأنه صلى؟ وهل يعقل أن تكون تلك الدولة – على افتراض أن هذا ممكن الحصول في بعض دول العالم – هي مملكة البحرين؟ «المادة الأولى «أ» من دستور مملكة البحرين تؤكد على أن «مملكة البحرين عربية إسلامية» بينما تؤكد المادة الثانية على أن «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع»، وتؤكد المادة العشرون «أ» على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها».
ليس استعراض تلك العبارة هنا إلا لتأكيد أن البعض في سعيه إلى الإساءة إلى المملكة وتشويه سمعتها لا يتردد حتى عن محاولة إلصاق التهم التي لا يمكن لأحد أن يصدقها بها، فأي عاقل يمكن أن يصدق مثل هذا الكلام؟ هذا يشبه القول إن رجال الأمن دخلوا مسجداً أو مأتماً أثناء فعالية معينة وأن هذا يعتبر اعتداءً على مكان له قدسيته، لكن أحداً لا يذكر سبب الدخول والذي هو في الغالب ملاحقة عناصر مخربة استغلت المكان فدخلت لتختبئ فيه غير عابئة بما قد يحصل له أو للمتواجدين فيه أو للفعالية نفسها ولا يهمهم إن كان ما فعلوه يمكن أن يسيء إلى الدين أو المذهب.
البحرين إحدى أبرز الدول في توفير حرية العبادة للجميع من دون استثناء، وهي من الدول القليلة في العالم التي تبذل كل الجهد لتوفير الأمن والأمان لأتباع كل الأديان وكل المذاهب كي يتمكنوا من القيام بواجبهم الديني، لذا فإن القول إن فلاناً اعتقل أو أحيل إلى النيابة العامة أو المحكمة أو صدر حكم بحبسه «بسبب الصلاة» قول لا يمكن لأحد أن يصدقه، فمن يسمعه يدرك على الفور أن من يقوله إنما يسخر منه ولا يحترم ذكاءه.
الاعتقال لا يتم من دون سبب، والتحويل للنيابة العامة لا يتم من دون سبب، وإحالة النيابة العامة المتهم إلى المحكمة وعدم حفظ القضية لا يكون بمزاج المحقق ولا بناء على انتماء المتهم المذهبي أو الديني، وإصدار المحكمة الحكم عليه لا يكون اعتباطاً ولا لأنه شيعي أو سني أو مسيحي أو يهودي أو ملحد، أو لأنه صلى بالناس في المسجد. لولا أن شيخ الدين ذاك - الذي استدعي للتحقيق أو حوكم وفعل ما يستوجب التحقيق معه وإحالته إلى النيابة العامة أو محاكمته وتنفيذ الحكم الصادر ضده - قد قام بعمل مخالف للقانون وفيه تجاوز لما حصل معه ما حصل، بدليل أن غيره – الذي لم يخالف القانون ولم يتجاوز – لم يواجه المصير نفسه رغم أنه ربما لا يفارق المسجد ويصلي بالناس كلما ارتفع نداء الحق منادياً للصلاة.