كل موروثنا في الخليج يصور لنا حياة البحارة الأجداد بشكل سطحي خاصة عندما تتناولها الدراما، فالبحارة يغادرون اليابسة في رحلة طويلة تودعهم دموع النساء وحسرة الشيوخ على ما سيواجههم من أهوال ويستقبلونهم عند عودتهم بالفرح والأهازيج ولا يوجد تصوير حقيقي لهذه الملحمة وكيف تتم ويحضر لها... في السطور القادمة سنعرض لهذه الملحمة في التنظيم والقيادة ودعوني أشير إلى أن هذا المقال استكمال لمقالين سابقين تحت عنوان «عرفج 1 و 2» كنت تحدثت فيه عن حوار بيني وبين خبير إداري ياباني سخر من أننا لا نمتلك إرثاً وثقافة إدارية.
في بادئ أي خروج للغوص بحثاً عن اللؤلؤ يحدد «السردال» وهو أمير حملة! الغوص وهو مسؤول بشكل رئيس عن 4 أمور في غاية الأهمية الأول يحدد لسفن الحملة مغاصات اللؤلؤ والثاني تحديد الاتجاهات الصحيحة للحملة والثالث في حالة حصول تداخل بين النواخذة أو سفن الحملة فهو مرجعيتهم والرابع قيادة الحملة في رحلة العودة «القفال» وتحديد ذلك.
أما البحارة في سفن الحملة فهم يتوزعون على 12 وظيفة كل منها لها عمل محدد وينقسمون إلى ثلاثة مستويات إدارية وهي:
القادة والمشرفون:
النوخذة: وهو المسؤول عن السفينة ويجب أن يكون ذا خبرة في قيادة الطاقم والسفينة.
الجعدي: وهو الذي يكون نائب الربان ويحل محله.
المقدي: وهو رئيس البحارة والعمل على ظهر السفينة.
المهنيون – وهم محور عملية الغوص:
الغاصة: الذين يباشرون الغوص داخل البحار للبحث عن الأصداف والمحار.
السيوب: ومهمتهم سحب الغاصة من قاع البحر وفق إشارات متعارف عليها.
العزال: وهو الذي يعمل بمعزل عن طاقم الغاصة المعتاد حيث يغوص على حسابه الخاص ويكون معه سيباً خاصاً يعمل معه
الجلامة: وهم مجموعة من العاملين يتراوح عددهم ما بين 5 و 7 أشخاص يشكلون احتياطاً للعاملين من الغاصة.
المهن المسانده:
التباب: وهم أربعة أو خمسة صبيان مهمتهم خدمة السفينة ومناولة بحارتها الماء والأواني الخفيفة وما يحتاجونه.
الرضيفة: وهم مجموعة من الصبية لاتزيد أعمارهم عن 14 سنة يقومون بالخدمة الخفيفة.
الجنان: وهو البحار المكلف بمهمة الإشراف على وضع الخراب «حبل مرساة السفينة» في المكان الملائم في قاع البحر.
راعي الشيرة: وهو بحار ذو خبرة بعملية تخليص الباورة «مرساة السفينة» من القاع في حالة إعاقتها أدوات الغوص وقد يكون نفس «الجنان»
النهام: وهو المنشد الذي يردد أهازيج البحر فوق السفينة طيلة أيام الرحلة.
إنه هيكل إداري متكامل بدءاً من القائد الإستراتيجي «السردال» إلى طاقم الإدارة التنفيذية النوخذة والجعدي والمقدي ومروراً بالمهنيين المتخصصين في الغوص الغاصة والسيوب والعزال والجلامة وانتهاءً بأصحاب المهن أو الأدوار المساندة.
في موضوع قادم سنقدم لكم طبيعة العلاقة التي كانت تحكم هذه المستويات وهي جوهر والروح الدفينة للثقافتنا الإدارية التي يجب أن تنهض من خلالها مؤسستنا.
اليابان استلهمت نهوضها من ثقافتها وهكذا فعلت جميع الدول التي تقدمت.
*مطور أعمال وقدرات بشرية