يعد مبدأ تنفيذ العقد بحسن نية أصل عام من أصول القانون أساساً، وهذا الأصل يطبق في العقود الإدارية، شأنها في ذلك شأن العقود المدنية.
ويقصد بالنية في نطاق العقود، اتجاه إرادة المتعاقد، عن علم، إلى إحداث نتيجة معينة.
وعليه فإن النية موقف إيجابي وتعتبر بمثابة قرار اتخذه المتعاقد، بعدما استعرض في ذهنه جملة الخيارات المتاحة له، واختار منها ما يناسب تحقيق الغرض الذي يسعى إلى تحقيقه.
والنية كذلك تعتبر عنصر نفسي وذهني تؤثر على تصرفات المتعاقد، يتعين على القاضي استظهار ما ترمي إليه، إضافة إلى كونها موقف عمدي يصدر من المتعاقد لإحداث نتيجة معينة وفقاً لإرادته.
ويتحدد المعيار الموضوعي لحسن أو سوء النية بمدى مراعاة مقتضيات حسن النية أو عدم مراعاتها، تلك المقتضيات التي تقوم على دعائم أخلاقية ثابتة ومبادئ دينية راسخة يؤمن بها المجتمع تتصف بالعمومية والتجريد، وتقوم مقام القواعد القانونية دون حاجة إلى نص تشريعي، كالوفاء بالعهد، والأمانة، والثقة المشروعة، والإخلاص، وشرف التعامل ونزاهته، والتعاون، وحسن الأداء وغيرها.
وعليه، فكلما جاء تصرف المتعاقد متفقاً مع تلك المقتضيات، يكون حسن النية، فيما يكون سيء النية إذا كان تصرفه مخالفاً لها. وفي ذات الوقت يعتبر مبدأ تنفيذ العقد الإداري بحسن نية من الأمور المستقرة في أحكام وإفتاء مجلس الدولة المصري، حيث ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن «تميز العقود الإدارية بطابعها الخاص الذي مناطه احتياجات المرافق العامة الذي يستهدف العقد تسييره وتغليب المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة، لا يخل بمبدأ حسن النية كأصل عام.
وفي حكم آخر لها، ذهبت ذات المحكمة إلى أن «العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون، يقضي بأن يكون تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وهذا الأصل يطبق في العقود الإدارية، شأنها في ذلك شأن العقود المدنية، فإذا ثبت أن البضاعة الموردة تتفق مع المواصفات في التركيب وإن الشوائب اللاحقة بها لا تؤثر على صلاحياتها للاستعمال، فلم يكن ثمة ما يحول – تطبيقاً لمبدأ تنفيذ العقود بحسن نية - دون قبول هذه الكمية الموردة.
كما ذهبت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إلى أنه «ومن حيث إنه من الأصول المقررة أن العقود مدنية كانت أو إدارية يجب أن يتم تنفيذها وفقاً لما اتفق عليه أطرافها وبطريقة تتفق مع حسن النية، وأنه في تفسير هذه العقود يجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين والإرادة الحقيقية لهما دون الوقوف عند الإرادة الفردية لأي منهما... يتبع