تحدث صاحب الجلالة في مقال «إلى الشباب.. نداء القلب والعقل» إلى ضرورة تعبئة الشباب، وذلك للحيلولة دون استغلالهم وقوداً للمصالح والأغراض، مؤكداً جلالته بأنه ليس هناك أبرأ من الشباب الغض في الاندفاع من أجل مبادئ العدالة والحرية والحق، والتضحية من أجلها.
وما أقرب ما ذكره صاحب الجلالة عام 2002 بما نعيشه اليوم من استغلال سلبي للشباب، وها نحن نرى هؤلاء الشباب المغرر بهم يقومون بأعمال مخالفة للقانون دون وعي منهم ولا إدراك لعواقب ما يقومون به، وكما ذكر صاحب الجلالة بأسلوبه الأبوي في مقالته «فلنجعل اندفاع الشباب البريء والمخلص اندفاعاً مثمراً من أجل وطنه ومستقبله» «فليس أصعب على النفس من توقيف شاب بعيداً عن أسرته أو مدرسته» ولطالما لجأ صاحب الجلالة إلى نهج العفو لتحاشي ذلك، ولكن أكد جلالته كذلك على «أن القانون هو سياج الحرية» «وإذا انتهك القانون فالحرية في خطر، نعني حرية الشعب بأكمله، وذلك ما لا يمكن التراخي فيه». وتحدث صاحب الجلالة الملك في ذات المقالة عن «الدور التنويري الريادي للمسجد، مؤكداً على ضرورة تنزيهه عن الأغراض السياسية والحزبية والشخصية المناقضة لجوهر رسالته».
أذكر مجدداً بأن هذه المقالة كتبت عام 2002، أي قبل ما يقارب 14 سنة من اليوم، كتبت عندما كانت كل الأمور «على ما يرام»، كان بعد نظر صاحب الجلالة الملك يستشف المستقبل وكانت نظرة جلالته الثاقبة تدرك ما يحدث وما سيحدث؛ فها هو المسجد «بيت الله» يستخدم لغير الغرض المخصص له، وها هو يستخدم لأغراض سياسية وحزبية وشخصية. إن تدنيس «بيوت الله» باستخدامها كوكر للأسلحة، واستخدامها لاجتماعات لتنظيم عمليات تخريبية وإرهابية، كلها أمور حدثت فعلاً في مملكتنا الغالية وفي عدد من الدول المجاورة.
تحدث جلالة الملك في مقالته أيضاً على ضرورة إشغال الشباب في الأنشطة التي يفضلونها وأكد على ضرورة توفير متنفس للشباب في أماكن قريبة من أماكن سكنهم. فالهواية حماية؛ فهي تحمي الشباب من الانشغال في أي مواضيع أو أفكار سلبية قد تؤثر على حياتهم ومستقبلهم. كما وجه جلالة الملك لإعطاء مزيد من الأدوار القيادية للشباب البحريني الكفء جنباً إلى جنب مع ذوي الخبرة والاختصاص.
وأشاد صاحب الجلالة بفكرة برلمان الشباب التي كانت موجودة عام 2002؛ فأين نحن اليوم من فكرة برلمان الشباب والتي كانت تعتبر إحدى الأدوات التثقيفية للشباب؟! وأين المسؤولون من إعادة إحياء هذه الفكرة بما يتناسب مع واقعنا الحالي؟
وفي ختام مقالة صاحب الجلالة التي وجهها إلى أبنائه الشباب أكد على ضرورة أن يشعر الشباب البحريني بالفرح والتفاؤل، وكأن جلالته كان يتلمس أن الجيل الحالي هو جيل غير متفائل ويسود عقله وفكره الفراغ والملل والتشاؤم وهو مثل «الحريق الفكري» والذي نخشى أن يتم استغلاله من قبل الجماعات والمنظمات التي لا تنوي لوطننا الحبيب خيراً.
لا أريد أن أكون متشائمة مثل سائر شباب البحرين بل أريد أن أنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس. ففي بلدنا الصغير خير كثير. وها هو جلالة الملك المفدى يخط بنفسه خطاباً يختص به أبناءه الشباب. وها هو يوجه المسؤولين إلى أمور تخص الشباب. وهذا هو نبراس الأمل. فعندما تكون الوصايا «ملكية» يجب على المسؤولين أن يسارعوا في إنجازها دون أي تباطؤ أو تقصير أو تهاون. وها هم شباب البحرين من المتميزين يطلقون لخيالهم ومواهبهم العنان وينطلقون نحو النجاح دون الأعذار التقليدية التي صرنا نسمعها من المتقاعسين والتي يلخصونها في أنه لا يوجد دعم من الدولة!!
يوجد دعم؛ ولكن الدعم لن يأتي ويطرق بابك، عليك أنت أن تتحرك باتجاهه.
فها هي وزارة شؤون الشباب والرياضة تفتح أبوابها لكل الطاقات الشبابية المتميزة، وها هو سمو الشيخ ناصر يعمد أن يتواجد شخصياً في كل المحافل الشبابية ويدعمها بكافة السبل المادية والمعنوية؛ بل إن سموه يتواصل مع الشباب عبر مختلف الوسائل مؤكداً دعمه الشخصي لأي موهبة من شأنها أن تعود بالنفع على الوطن، ولا يغفلني أن أذكر سمو الشيخ خالد بن حمد ودعمه للشباب لاسيما في مجال الرياضة والفنون القتالية التي وضعت البحرين على خارطة أسماء الدول المتميزة في هذا المجال.
كل الأبواب مفتوحة أمام الشباب، وما على الشباب إلا أن يتجه ويقنع المسؤولين بأنه ذو موهبة تستحق الاحتضان والتبني.
وقد تجد أمامك باباً مغلقاً! فلا تيأس فالإصرار سمة من سمات الناجحين.
ضع هدفك وآمن به حتى تتمكن من إقناع المسؤولين به.
ولا تجعل اليأس يتسلل إلى نفسك. فالبحرين بحاجة إلى كل جهد وطاقة وموهبة. فاجعل غايتك العليا خدمة الوطن، وستنجح بإذن من الله.
إن مقال جلالة الملك «إلى الشباب.. نداء القلب والعقل» يجب أن يكون من ضمن دروس المواطنة التي تدرس في المدارس، وأن يعاد نشره بين فترة وأخرى لكي يطلع عليه الشباب البحريني ويفقهوه، وأن يطلع عليه المسؤولون كذلك وينفذوا ما فيه.