من الأمور اللافتة أن البعض يعتبر الحديث عن كل إنجاز وكل إيجابي تحققه الدولة هنا تحصيل حاصل بل يرى أنه لا ينبغي حتى الإشارة إليه، ويركز في المقابل على ما يراه هو سالباً أو تقصيراً ويتناوله بطريقة تجعل المتلقي يعتقد أن الدولة مقصرة تماماً وأنها لا تقدم شيئاً في صالح المواطن ولا تستحق الشكر.
ليس هذا فحسب، فهذا البعض لا يكتفي بالتقليل من شأن المنجزات بعدم الحديث عنها أو عدم اعتبارها أمراً موجباً ولكنه يحرص على إيجاد كل العيوب فيها، فالدولة في نظره لم تقدم مفيداً ولا تستطيع أن تقدم مفيداً وأنها لو قدمت شيئاً من هذا القبيل فإنها تقدمه لمن هو محسوب عليها فقط.
هذه النظرة الفقيرة لا يستطيع أصحابها التأثير على الإنجازات التي تحققها الدولة لسبب بسيط هو أن الناس لها أي أعين وتمتلك عقولاً تستطيع بها أن ترى وتقيم وتتبين الحق والباطل. إن أمراً مثل الخدمات الإسكانية التي تم الإعلان عنها مؤخراً ولاتزال وزارة الإسكان مستمرة فيه لا يمكن إلا الإشادة به، فما قامت به هذه الوزارة في فترة قصيرة لا يمكن لأحد أن ينكره أو يقلل من شأنه، فوزارة الإسكان حلت في هذا العام على وجه الخصوص مشكلات الآلاف من المواطنين الذين تأثرت حياتهم بسبب عدم حصولهم على خدمات إسكانية يستفيدون منها. كذلك الحال مع وزارة الأشغال التي حققت الكثير من المنجزات وتمكنت من حل الكثير من المشكلات الضاغطة على حياة المواطنين بتوسيعها للعديد من الشوارع وبناء الجسور، ومثل تلك الوزارتين قدمت الوزارات الأخرى كالصحة والتربية والتعليم الكثير من المنجزات التي تستحق الإشادة بها خصوصاً وأنها أنجزت في وقت قصير وفي ظروف صعبة تمر بها البلاد والمنطقة.
ليس عدلاً غض ذلك البعض - وأي بعض آخر - نظره عن المنجزات، وليس عدلاً تركيزه فقط على السلبيات خصوصاً وأن التركيز هنا يتم من الزاوية التي ينظر منها هو إلى الأمور والتي يشوبها ما يشوبها، فالعدل هو الإقرار بما أنجز والإشادة به والتعبير عن التقدير لمن قام بالإنجاز، ثم التنبيه إلى الأمور الأخرى وبطريقة بعيدة عن الاستفزاز والعدوانية، فليس هناك ما لا تريد الدولة أن تنجزه ولكن هناك أحياناً ما قد يتأخر إنجازه لسبب أو لآخر، وهناك أولويات.
المتابعون للشأن المحلي لا بد أنهم يلاحظون حرص رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة على إيجاد حلول لمشكلات القرى على وجه الخصوص ولابد أنهم يرصدون توجيهاته للمسؤولين للإسراع في تنفيذ الكثير من المشروعات المقرر تنفيذها في القرى والمدن، ولا بد أن الجميع لاحظ ويلاحظ استمرار صاحب السمو في استقبال شخصيات تمثل مختلف الشرائح من أبناء العديد من القرى التي رصد فيها بعض النواقص وأمر بإنجاز ما ينبغي إنجازه فيها من مشروعات تسهم في الارتقاء بها وبأبنائها.
دونما شك فإن كل ما تقوم به الدولة من مشروعات في القرى والمدن هو واجبها ولا تمن به على المواطنين، ولكن أيضاً من غير المعقول ولا المقبول غض النظر عن المنجزات والتركيز على بعض النواقص وتضخيمها وتصويرها للعالم على أنها دلائل على تقصير الدولة أو عدم اهتمامها بل وربط ذلك بأمور سياسية لا علاقة لها بالأمر لا من قريب ولا من بعيد.
تطوير كل المدن والقرى من مسؤوليات الدولة، وكذلك الارتقاء بسكانها من المواطنين، وكل إنجاز تحققه الدولة في أي من تلك المدن والقرى إنجاز لها ويستحق الشكر والتقدير، أما النظرة القاصرة والتقليل من تلك المنجزات فهي سلوك من لا يريد الخير للبحرين.