هذه إحدى الجمل الرئيسة التي بدأ ودشن بها جلالة الملك حفظه الله مشروعه الإصلاحي.
بل كانت هذه الجملة ركيزة ومنطلقاً أساسياً للحراك الديمقراطي والسياسي لبدايات المرحلة التي غيرت وجه البحرين.
كانت أمنية ملك أراد أن تحتضن أرض البحرين جميع أبنائها، باختلاف مذاهبهم، وبتنوع أعراقهم، وحتى تباين دياناتهم، يجمعهم قاسم واحد هو الأرض، تراب البحرين الطاهرة.
حمد بن عيسى حفظه الله منذ تلك اللحظات التاريخية وحتى اليوم، ماضٍ وبالتزام كبير بمشروعه، ماضٍ لإرساء ما يعزز اللحمة الوطنية في البحرين، رغم العديد من المحاولات الآثمة لمن يحاول تمزيق الصف الوطني، وإذكاء النار المفرقة لأبناء الوطن الواحد.
في كل محاولات الانقلاب على البحرين كبلد ونظام وقيادة، كان استخدام الورقة الطائفية واستغلال المذاهب بين أبناء الشعب الواحد، كان السلاح الذي يستخدمه أصحاب الأجندات والأهداف السياسية ليؤلبوا الناس على بعضهم بعضاً أولاً، وثم ليوغروا الصدور، وبعدها ليزرعوا الكراهية والبغض للدولة والنظام الذي عمر البحرين وبناها وفتح أبواب الرزق لأبنائها.
لكن نحمد الله دوماً، بأن البحرين محفوظة، بأن بلادنا مكتوب لها أن تقف عصية أمام الطامع والكاره، والرائع بأن من يقف دفاعاً عنها هم شعبها، ومن فيهم من طوائف ومذاهب وأعراق مختلفة.
لسنوات وعقود طويلة، منذ عهد أجدادنا وآبائنا ونحن حين كنا صغاراً، لم تكن شعارات التفرقة المرتبطة بالمذهب الشيعي أو السني، أو عقدة الأعراق هذا عربي أو هولي أو عجمي أو بحراني لم تكن أمراً يقبله ويستسيغه المجتمع البحريني، كان من يستخدم أدوات التقسيم هذه ينظر له نظرة اشمئزاز وازدراء، كان يرد عليه بقوة من الجميع، إذ نحن في البحرين تعلمنا أن نعيش مع بعض، لا ننظر للاختلافات المذهبية ولا الأعراق والأصول، بيوتنا مفتوحة على بعضها بعضاً، زيجاتنا متنوعة، لا أحد يقف عند هذه التقسيمات التافهة، ونعم والله إنها لتافهة، حينما تكون أداة لتقسيم البشر والفصل والتمييز بينهم. لدينا ملك يحلم بوطن يقوده ويحتضن جميع أبنائه، وأفعاله تثبت يوماً إثر يوم بأنه يتطلع لليوم الذي بالفعل ينصهر فيه جميع الناس في قالب وطني واحد اسمه البحرين، لا يهمم المذهب أو العرق ليتفقوا على وطنيتهم أو يختلفوا.
لذلك حينما نقف بقوة وصلابة أمام تلك الجماعات التي حاولت اختطاف البحرين، وحاولت الانقلاب على نظامها، واتضح في علاقاتها الولاء والارتباط الصريح بأعداء بلادنا، والطامعين فيهم على رأسهم النظام الإيراني، فإننا وقفنا لأجل البحرين الوطن الذي يجب أن يتداعى له جميع أبنائه.
رفضنا كل الرفض كذبة الوفاق الكبرى حينما اختطفت أصوات شيعة البحرين، وصورتهم بأنهم الفئة الانقلابية التي تريد اختطاف البحرين لتكون محافظة إيرانية يحكمها الخامنئي، رفضنا ذلك وقلنا للوفاق وأتباعها من أنتم لتدعوا بأنكم تمثلون شيعة البحرين وتسلخونهم عن وطنيتهم؟! ومن أنتم أصلاً لتدعوا كذباً بأن سنة البحرين معكم أيضاً؟!أسقط الانقلاب في 2011 أبناء البحرين من سنته وشيعته، في مشهد سبق المشهد التركي بموقف معارضته التي رفضت أن تبيع بلادها وتقبل بشتاتها وتمسكت بقيادتها لأجل وحدة الأرض والهوية التي لا يفرط فيها. المشكلة أن صوتهم الإعلامي عالٍ، وكذبهم أعلى، والادعاءات تزايدت، في ظل موجات ترهيب وتخويف لأهالي القرى، وأغلبهم بسطاء طيبون، فحولت الوفاق ومن معها الصورة العامة وكأن الدولة تستهدف طيفاً معيناً بسبب مذهبه، بينما الحقيقة تقول بأن من أنصف شيعة البحرين وحفظ لهم مكانتهم ورفض بأن يهانوا في أرضهم هو جلالة الملك أولاً وعبر ما تترجمه خطوات القيادة والحكومة في تسيير أمور البلاد والتعامل مع البشر. بينما ترهبهم الوفاق وتسلب أصواتهم وتؤثر عليهم، يعمل الملك ورئيس الوزراء وولي العهد على صون كرامة الإنسان البحريني، وعلى تسيير المشروعات الخدمية على رأسها الإسكان، غير منتقصين لحق مواطن بسبب انتمائه لهذا المذهب أو ذاك، أو لأنه ابن فلان أو علان، بل المناصب العليا فيها من جميع الأطياف من مستوى نواب رئيس وزراء ووزراء وكبار مسؤولين والقائمة تطول.
لذلك لدينا وطن مثلما أراده جلالة الملك يضم جميع أبنائه، لكن هناك من يهدف لتفرقة الناس، كلما رأى بأنهم يعودون لحضن الوطن استنفر قوته وأخذ يحرض ويصرخ محاولاً إغواءهم وإبعادهم عن طريق الوطنية الصحيح. هناك في هذا البلد من يحترق قلبه حينما يرى السني والشيعي على قلب واحد، يجمعهما حب الوطن والولاء لترابه ونظامه وقيادته، يجن جنونه حينما يرى التفاف المواطنين باختلافاتهم حول ملكهم وأن ثقتهم بقيادتهم وأن التزامهم تجاه وطنهم لا جهات خارجية. لدينا وطن يضم جميع أبنائه، لكن كارهيه كثر، هم من يريدون تفرقتنا باسم المذهب والعرق، هم من يزرعون المظلومية في الأجيال ليعموا أبصارهم وليغيبوا عقولهم حتى لا تستوعب حجم الإنجازات والمكاسب التي تحققت، والأهم حتى لا يفهموا بأن الأمن هو أساس قيام المجتمعات، وأن غيابه يعني الانهيار وفرصة للطامع حتى ينقض. انتبهوا يا أبناء البحرين لمن يريد تفرقتكم، التفوا حول ملككم العادل الذي يعامل الجميع كأبنائه لا يهمه مذهبهم ولا لونهم ولا جنسهم، معياره حب الوطن أولاً وأخيراً.