عقد منتدى كونفوشيوس الدولي السادس في بكين في الفترة من 9 – 11 يوليو 2016 على مدي ثلاثة أيام بالإضافة ليوم الوصول وآخر للمغادرة للوفود. وشارك فيه أكثر من 300 باحث وخبير من حوالي 30 دولة من مختلف قارات العالم. والدعوات للأفراد بصفتهم الشخصية وكانت الإقامة والاجتماعات في فندقChina People`s Palace Hotel وهو فندق ضخم مكون من ثلاثة مبان كبيرة وقاعات عديدة للاجتماعات والطعام وهو فندق يتبع الدولة كما يبدو من تنظيمه وإدارته.
كان محور أعمال المؤتمر هو الندوة التي عقدت تحت شعار «التعلم المتبادل بين الحضارات الآسيوية»
Mutual Learning among Asian civilizations
كانت مداخلتي من المنصة في اليوم الأول في الجلسة الأولى القسم الثاني بعد الجلسة الافتتاحية كما كان تنظيم الحاضرين وفقاً لترتيب المتحدثين في الصفوف الأولى تماشياً معاً الجلسات العامة وترتيب مداخلاتهم.
قمت بتقديم عرض عام لمحتوى الكلمة المرسلة للمؤتمر ثم تقديم تلخيص محدود وواضح للكلمة حتى لا تضيع المفاهيم الرئيسة وسط الزحام بالكلمات وطول الجلسات من التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءً وقدمتها في نقاط موجزة بعد الإشارة إلى أن الكلمة منشور نصها في الكتاب الذي صدر عن المؤتمر متضمناً كلمات المشاركين.
أوضحت أنه ثمة تشابها يكاد يكون تماثلاً بين الفلسفتين الصينية والإسلامية وبما أن المشاركين في المؤتمر تعرضوا بالتفصيل للفلسفة الصينية فإنني سوف أركز على النقاط المشتركة وبين الحضارات الآسيوية وخاصة الصينية وبين الحضارة الإسلامية باعتبارها حضارة آسيوية. وأضفت بأن النقاط الرئيسة المتعلقة بالحضارة الإسلامية والعقيدة الإسلامية تتمثل في عدد من النقاط التي سوف أعرض لها بصفتي باحثاً في التراث الثقافي الإسلامي بعيداً عن التفريعات الفقهية والنقاط هي كالآتي:
الأولى: إن مفهوم الدين في الإسلام هو مفهوم عام وشامل لا يقتصر على الدين الإسلامي بل كافة الأديان والعقائد وهذا المفهوم يرتبط بالقيم الأساسية المشتركة بين الجميع أما الدين بالمفهوم الضيق فهو يرتبط بالشعائر. والقيم تمثل الأولوية وهي تكاد تكون واحدة بخلاف الشعائر التي ترتبط بظروف كل مجتمع أو ثقافة وبينها تشابه ولكن بينها أيضاً اختلاف مع تطور الأزمنة والعصور حيث لم تظل أية عقيدة على طقوس وشعائر جامدة ومن هنا ظهرت الصوفية كما ظهرت المذاهب الدينية والطوائف كما ظهرت اجتهادات الفقهاء في فهم النصوص وظهرت أيضاً بعض الإضافات والتحريفات عبر الزمن وتكاد لا تخلو أية عقيدة أو دين عن مثل تلك التغيرات عبر الزمن ومع اختلاف الواقع والبلاد والأوطان فالمسيحية أو اليهودية أو الإسلام خرج من كل منها مذاهب متنوعة وأيضاً متعارضة ومن ثم متصارع في الطقوس والشعائر وهذا بخلاف القيم الأساسية مثل السرقة أو الزنا أو القتل أو نحو ذلك فهي قيم مشتركة ولا تتغير بسهولة. ولتوضيح هذه النقطة الشائكة والخلافية حتى في التراث الإسلامي استشهدت بقول الله تعالي «إن الدين عند الله الإسلام موضحاً أن المقصود بالدين هنا هو وحدانية الله والتسليم بإرادته وليس الشعارات المتصلة بالإسلام كدين ظهر في رسالة سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. وأضفت أن القرآن ذكر أيضاً «ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً»واستطردت بأن هذا خير دلالة على ما ذهبت إليه من تفسير لأن الإسلام الذي جاء به سيدنا محمد كان بعد كل هذه الأديان فكيف يكون إبراهيم مسلماً. إن معنى الإسلام هنا ومعني مصطلح إن الدين عند الله الإسلام يعني التسليم بإرادة الله وحكمته وقدرته. وكان ذلك رداً على أحد المشاركين من لبنان في نقده للإسلام عندما تحدث أحد الخبراء الصينيين مشيداً بالإسلام فتدخل الباحث اللبناني واسمه إيليا فرحات قائلاً إن الإسلام دين إقصائي وانعزالي فتدخلت للرد عليه ومشيداً بما ذكره الباحث الصيني المتخصص في التراث العربية وهو البروفسور شي المشهور باسم بسام وهو عميد كلية الدراسات العربية في جامعة بكين للدراسات الأجنبية. واستحسن جميع الحضور مداخلتي وتوضيحي لمعني الآية القرآنية بل أشاد بها بعض المتحدثين من المسيحيين المشاركين في المؤتمر وقال أحدهم إن هذه هي أول مرة يسمع فيها بمثل هذا التفسير.
الثانية: إن مصطلح الله أو «يهوه» أو غيره من الأسماء التي يشار بها للقوة العليا فوق جميع البشر هو مصطلح عام ومشترك مع اختلاف المسميات دون اختلاف في المفهوم ذاته.