جذبتني مقولة الزعيم الأمريكي مارتن لوثر كينغ ذي الأصول الأفريقية والناشط السياسي الذي نادى بإنهاء التمييز العنصري عام 1964 حين قال: «لقد تعلمنا أن نطير في الهواء كالطيور، وأن نسبح في البحار كالأسماك، ولكن لم نتعلم حتى الآن أن نمشي على الأرض كالأخوة».فما زلنا نرى فيروس العنصرية متشرباً بأشكاله القديمة والجديدة العنف وكراهية الأجانب في العالم، ما بين شمال وجنوب، شمال أبيض .. وغني لا يريد أن يحترم مشاعر الجنوب ..غير الأبيض والفقير، الأمر الذي يلوث حياة البشر وعلاقاتهم الإنسانية سواء على المستوى الدولي، أو الداخلي في الكثير من البلدان والمجتمعات.ولقد عرّفت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الصادرة عام 1969 والتي انضمت إليها مملكة البحرين بموجب القانون رقم (8) لسنة 1990 ، التمييز العنصري في المادة (1) على أنه: «أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة».وتشمل ممارسات الكراهية العنصرية التي أشارت لها لجنة القضاء على التمييز العنصري في التوصية العامة رقم (35) على جميع أشكال التمييز على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني، والمهاجرين أو غير المواطنين، بما في ذلك خدم المنازل المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء، إلى جانب ممارسات التمييز القائمة على أساس الجنس، كالتمييز القائم ضد نساء تلك الفئات المشار إليها أو غيرها من الفئات الضعيفة. ونشير إلى أن الدستور البحريني قد حظر كافة أنواع التمييز في المادة (18) حينما نص على أن: «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة». في الحقيقة، لا أريد التطرق إلى أفعال التمييز العنصري المستفحلة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تضرب بمبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط لكثرة المقالات التي أشارت إليه مسبقا، بل أريد أن نتفكر معاً حول ممارسات التمييز في مملكة البحرين التي يكون أبطالها أفراد المجتمع. ولذلك فإنه يحزنني أن أرى سطوة صوت المواطن الكريم - الذي أنعم الله عليه بوظيفة تحفظ له شر ألم البطالة - في تعامله مع «الأسيوي» سواء في أروقة المحاكم، أو مراكز الشرطة، أو حتى البقالة أو في المنزل أو في أي مكان آخر، في حين أن هذا الصوت يختفي في أي قرار نافع بحق نفسه أساساً. ليس ذلك فحسب، بمعنى أنه قد لا تقتصر ممارسات التمييز ضد الأجنبي فقط، فقد يكون بين المواطنين أنفسهم، كالموظف الذي يقوم بتسهيل طلب لامرأة جميلة في حين يضع الفواصل الإجرائية التي لا تنتهي لطلب رجل! فقط لأنه رجل! والعكس صحيح.«أي آية قرآنية - والعياذ بالله – التي تشجعنا على تلك التفرقة أو تمدنا بالقوة في سبيل مضايقة أولئك المستضعفين؟»، هل الآية القرآنية(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) أم الآية (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) ؟نجد كثيراً في القرآن الكريم هذا النداء (يا بني آدم..) يا بني آدم.. هذا خطاب لكل الناس، فما دام الرب واحد، والأب واحد فلماذا يتميز بعضنا عن بعض؟! الله – سبحانه وتعالى- اعتبر اختلاف الألسن والألوان آيةً من آياته، قال: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم، إن في ذلك لآياتٍ للعالمين). فلم يعتبر الإسلام هذه المفرقات بين الناس إطلاقاً، المفرقات اللونية، المفرقات العرقية، المفرقات الإقليمية، المفرقات اللغوية، المفرقات الطبقية، كلها ألغاها، (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون).ختاماً، إن كنتم ترون أيّ إنسان على وجه البشرية من منظور إنساني هو .. مجموعة إنسان.. إنسان له قلب، وعقل، ومشاعر، لا مجرد ورقة خريف تدهسها ظروف الحياة، فأنتم تعبرون عن الرقي الثقافي الذي تمتازون به، أما إذا كان خلاف ذلك، فأنتم كما قال مارتن لوثر تحتاجون لتعلم المشي على الأرض كالأخوة. ولذلك، إن جاءكم أجنبي يسأل بلغته الأم التي لاتفهمها .. فرفقاً به، وإن قامت الخادمة بسكب أو كسر شيئا ما .. فرفقاً بكلماتكم المؤذية لكم قبل أن تكون لها .. وإن جاءكم من يطلب منكم تخليص أموره إن كان رجلا أو امرأه فرفقاً بهم .. وكن لطيفاً مع الجميع .. لأنك لا تدري بكفاح كل شخص بشراسة في معركة ٍ ما!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90