السكن ليس مجرد مجموعة من الأحجار والجدران، بل هو الأمن والأمان والاستقرار الذي يشعر به الإنسان، ولهذا تطلق تسمية «Home» بالإنجليزية على الوطن والبيت لما للمعنيين من تطابق في المفهوم. ويعد وجود سكن ملائم من أساسيات الحياة وهو لا يقل أهمية عن المشرب والمأكل. والسكن الملائم ضرورة من الضروريات لحصول الإنسان على الاستقرار النفسي والمجتمعي الذي من خلاله يستطيع أن يقوم بدوره المأمول في المجتمع.
ولهذا تسعى معظم الدساتير والقوانين حول العالم لتلبية احتياجات مواطنيها بتوفير السكن الملائم لها، وأظهرت الدراسات أن أمريكا تحتل النسبة العظمى بالنسبة للمتشردين بالرغم من أن إدارة الرئيس أوباما أعلنت في عام 2010 عن خطة لإنهاء ظاهرة تشرد الشباب والعائلات والأطفال مع حلول عام 2020.
ووفقاً لمركز القانون الوطني لمكافحة التشرد والفقر فإن حوالي 3 ملايين شخص يعيشون تجربة التشرد سنوياً في الولايات المتحدة، بينهم مليون و350 ألفاً من الأطفال.
أما في مملكة البحرين فدستور مملكة البحرين ينص في مادته 9 على «تعمل الدولة على توفير السكن لذي الدخل المحدود»، وتحاول المملكة جاهدة تلبية جميع الطلبات الإسكانية على الرغم من الصعوبات والعقبات التي جعلت من ملف الإسكان ملفاً ثقيلاً ويشكل عبئاً على كاهل الدولة.
وحاولت الدولة بكل الطرق من احتواء هذا الملف وطرح العديد من الخيارات أمام المواطنين لتلبية طلباتهم الإسكانية، وتم إجراء تعديلات كثيرة على الاشتراطات وهناك ما أؤيده في هذه الاشتراطات ومنها ما لا أتفق معه، ولكني لا أملك إلا أن أشكر جهود وزارة الإسكان على محاولاتها في حلحلة هذا الملف المؤرق لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة.
ولعل ما يجعلني أفتخر جداً في مجال الإسكان هو مبادرات المجلس الأعلى للمرأة في توفير السكن المناسب للمرأة البحرينية ومساواة المرأة بالرجل في مجال الإسكان، ليس هذا وحسب بل إن التوجيهات الملكية السامية قامت بإدراج «الفئة الخامسة» في الخدمات الإسكانية وهي تشمل المطلقات والمهجورات والأرامل حتى وإن لم يكن لها أبناء والعزباء يتيمة الأبوين، وقد أعطيت الأولوية في السكن لهذه الفئات حفاظاً على كرامتهن حيث تستلم هذه الفئة بدل سكن بمجرد تقديمها الطلب.
وما يجعلني أشعر بالفخر أكثر هو أن تتابع صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة قرينة صاحب الجلالة بنفسها هذا الملف المهم والحيوي، فما اجتماع سموها الأخير شخصياً مع وزير الإسكان إلا دليل على اهتمامها الشخصي بأن تحصل المرأة البحرينية على حقوقها الإسكانية على وجه السرعة. وأوضحت الأمين العام للمجلس هالة الأنصاري أن ضمان توفير حق السكن للمرأة يعتبر من أهم أولويات العمل لجملة الملفات التي يضطلع بها المجلس الأعلى للمرأة بهدف تمكين المرأة البحرينية وتوفير كل الحقوق وسبل الدعم لها، مؤكدة أن الاستقرار الأسري للمرأة داعم رئيس لاستدامة دورها الأسري وإسهامها الاجتماعي باعتبارها مكوناً أساسياً في المجتمع البحريني. على الرغم من أن عدد طلبات النساء المدرجات ضمن الفئة الخامسة حسب آخر إحصائية منشورة لا يتجاوز 388 طلباً فقط، إلا أن الحكومة خصصت على وجه السرعة، ما يربو على 1.7 مليون دينار لتوفير السكن المناسب لهن. فالسكن كما قلت مسبقاً هو ليس مجموعة من جدران، إنه شعور بالأمن والاستقرار، وهو ما يضمن لأي إنسان رجلاً كان أم امرأة الشعور بالاستقرار الذي يجعله ينطلق ليقوم بدوره المجتمعي على أكمل وجه.