تحرك مجلس النواب البحريني يوم أمس مع الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان لصياغة «مبادرة» شعبية نواجه بها التهديدات الإيرانية لدولنا، تحرك محمود ومطلوب في الفترة الحالية، نشكر فيها كل الجهود التي بذلت من أجل عقد هذا المؤتمر برعاية رئيس مجلس النواب أحمد الملا وبمشاركة علي صالح الصالح رئيس مجلس الشورى وبدعم خليجي ممثل بنواب السلطة التشريعية من دول مجلس التعاون وبرؤساء أكثر من منظمة حقوقية عربية لتدشين هذه المبادرة.
فلن ننتظر من مفوضية أممية أصبحت مرهونة لأجندات سياسية واضحة كي تجيز أو لا تجيز لنا أن نجتمع، أو تبارك أو لا تبارك لنا هذا التحرك، فنحن أهل الدار وقرارنا بيدنا لا بيد زيد أو رعد أو غيره.
الأمر الثاني أن حماية أوطاننا ليست قصراً على الحكومات ومنظومة الدفاع العسكرية المشتركة فحسب، بل هي مسؤولية وطنية بحاجة لتضافر كل جهودها الرسمية والشعبية معاً، وأهل دول الخليج أدرى بشعابها وهم من يطؤون النار وخطرها في أراضيهم لا منظمات أجنبية لا تشعر بما نشعر به من تهديد من دولة مارقة تجاورنا.
لهذا فإن المطلوب تحرك شعبي عربي موازٍ لتحرك الأنظمة والقيادات، تحرك تجتمع فيه الجهود الشعبية الممثلة في المجالس التشريعية المنتخبة والمنظمات الأهلية الحقوقية وغير الحقوقية إن أمكن، ونحن بحاجة لمظلة مدنية أهلية شعبية تجمع وتنسق الجهود الموجودة حالياً والمبعثرة داخل وخارج دولنا العربية، لذا تأتي هذه المبادرة في وقتها.
وكون تلك المظلة تحتمي بالمجالس النيابية العربية فإن ذلك يمنحها اتساعاً وانتشاراً على المستوى الشعبي، فإن أضيفت لها جهود لفيدرالية عربية لحقوق الإنسان فإننا نجمع جهود البرلمانات العربية مع جهود المنظمات العربية الحقوقية، مما يمنحها قوة تأثير مضاعفة على المستوى الدولي.. إنما في حالة واحدة فقط.. وهي جدية هذا التحرك وعدم الاكتفاء بجهاد «الفنادق»!!
فما أكثر الجهود والمبادرات التي وجدت منذ الخمسينات في القرن الماضي إلى اليوم لمساعدة الفلسطينيين في استرداد حقوقهم المسلوبة ولو كانت نصف تلك الجهود جادة لكان حالنا غير حالنا اليوم، إنما عاصرنا ورأينا الكثير من جهاد الفنادق حيث تستغل الميزانيات المتوفرة لتلك المبادرات للسفرات والتنقل والسياحة والتجمعات، وتكوين الصداقات واللقاءات، ولطالما خاض المشاركون فيها حروباً ومنازعات بينية لا مع العدو الإسرائيلي، بل معارك فيما بينهم كي يتم اختيارهم للسفر والسياحة حتى وجد مصطلح معروف سمي بجهاد الفنادق، رديف لجهاد الخنادق!!
التهديدات الإيرانية جدية ولا تحتمل مثل هذا الترف والتهاون في مواجهتها، فدول عربية أصبحت بين ليلة وضحاها خنجراً يطعننا في الظهر بعد أن أوجدت ميليشيات طائفية مسلحة تخوض حرباً ضدنا بالوكالة وتقاد إيرانياً دون مواربة، فإن لم نرَ معارك جدية لهذه المبادرة الطيبة، ولم نرَ أثرها على توحيد الجهود الشعبية العربية ينعكس على تنسيق المواقف عربياً ودولياً فلا فائدة.
اليوم نواجه في دولنا الخليجية جيشاً طائفياً مسلحاً تسليحاً إيرانياً، وبقيادة إيرانية وبتدريب وتمويل إيراني، من مجموعة من الخونة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، باعوا شرفهم وقبلوا أن يكونوا خدماً لفارسي على أن يكونوا ملوكاً في أوطانهم، وللبنان والعراق واليمن برلمانات عربية لا بد من أن تتحمل مسؤوليتها تجاه تلك التهديدات التي تحيط بنا، وهذه المبادرة واحدة من ميادين المعارك التي نعول عليها إن تحركت بشكل جدي بلا مجاملة وبلا تسويف وبتنسيق وتحالف متين، فإن بإمكانها أن تضع تلك البرلمانات «العربية» التي تعيث إيران في أرضها فساداً، وأن نجعل قضية التهديدات الإيرانية شغلاً شاغلاً للمجالس التشريعية لا مجرد بند يضاف ويزاح من أجندة الاجتماعات، أو ينتظر مناسبات الاجتماعات كي يضاف على جدول الأعمال، فلكل البرلمانات حرية التصرف في توجيه الدعوات وفي عقد الاجتماعات، فان انضم لها ما تستطيع أن تجمعه الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان من منظمات أهلية حقوقية أو غير حقوقية تكون الفيدرالية جامعاً ومنسقاً لها، فإننا أمام حائط صد شعبي متين له ثقله العربي والدولي ضد التهديدات الأمنية.
نقطتان أحب أن أضيفهما لهذه المبادرة:
الأولى هي إشراك أكبر قدر ممكن من الشيعة العرب من أعضاء لهذه البرلمانات، هذا المكون الأصيل من الأمة العربية كي يكون التحرك واضحاً أنه لا يستهدف بأي شكل من الأشكال طائفة بقدر ما يعمل على توحيد وتقوية اللحمة الوطنية تجاه التهديدات الفارسية.
أما الثانية فهي لم شتات الجهود السابقة المبعثرة ومد اليد لها كي تتضافر الجهود ويكون التحرك تحرك كتلة صماء تفتح المجال لكل جهد سابق ولاحق.