بحماس معبر عن تعاطف غريب وغير مبرر قالت مقدمة برنامج «حديث البحرين» الذي تبثه فضائية «العالم» الإيرانية يومياً إن «فضائية العالم هي صوت شعب البحرين المظلوم» مؤكدة بذلك الهدف من استمرار إيران في بثه كل هذه السنين ومبينة الغاية من إيجاد مثل هذه الفضائية «السوسة».
مقابل هذا استنكرت إيران قبل يومين «مواقف المسؤولين الأوربيين والأمريكيين ومقرر الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان من تنفيذها حكم الإعدام بحق بعض الأشخاص واصفة ذلك بالتدخل في شؤونها». تناقض يثير الدهشة ويحتاج إلى قدرات غير عادية لاستيعابه، فإيران لا تعتبر فعلها المسيء والمتمثل في هذا البرنامج وغيره وفي مواقف وتصريحات يومية تصدر عن مسؤوليها بمناسبة ومن غير مناسبة عن مملكة البحرين ودعمها المكشوف لكل من يعتبر نفسه ضد السلطة فيها تدخلاً وتعتبر مجرد تصريحات لا تقدم ولا تؤخر تصدر عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وعن الأمم المتحدة تدخلاً في شؤونها يستوجب «الزعل» وربما رد اعتبار واعتذار رغم أن عبارة «بعض الأشخاص» التي وردت في الخبر مقصود منها أكثر من عشرين شخصاً تمت محاكمتهم غالباً على خلفية طائفية، فكل من تم إعدامهم ينتمون إلى غير المذهب الرسمي الذي تدين به حكومة الملالي وكلهم من الأكراد أو المعارضة.
إيران اعتبرت أولئك إرهابيين واعتبرت فعلها تنفيذاً «لسياسة حازمة تتخذها دائماً في مجال مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية المدعومة من الدول الأجنبية في المنطقة»، وهي تعتبر كل معارض لها أو حتى مجرد منتقد لسياستها إرهابياً جزاؤه السجن والإعدام. ليس هذا فحسب وإنما اعتبر المتحدث باسم خارجيتها بهرام قاسمي الذي عبر عن انزعاجه من التصريحات الأممية ضد عمليات الإعدام المذكورة، اعتبر إيران «ضحية للإرهاب» وقال بوضوح إنها «لا تدخر وسعاً في توفير الأمن لشعبها»، أي أن من حقها بحجة الدفاع عن شعبها أن تعدم كل من تصنفه في خانة العدو وتعتبر كل من يصرح بما لا ترضى من القول أو يتخذ موقفاً مخالفاً لموقفها متدخلاً في شؤونها الداخلية وربما يستحق الإعدام أيضاً.
قاسمي أعرب عن أسفة من «مواقف المسؤولين الغربيين إزاء معاقبة الإرهابيين» كما وصفهم وقال إنهم «لم يأخذوا بعين الاعتبار الجرائم التي اقترفوها» ودعاهم إلى «بذل جهود مشتركة على الصعيد الدولي من أجل مكافحة إرهاب «داعش» بدلاً من التعامل مع الإرهاب بمعايير مزدوجة» حسب قوله.
طبعاً لن تقول طهران أبداً إنها انتزعت الاعترافات من أولئك انتزاعاً، ولن تبالي بكل ما سيقال عن حقوق الإنسان، ولن تلتفت إلى القول إن من تم إعدامهم هم من السنة وليس الشيعة، والأكيد أنها ساقت وستسوق ألف مبرر ومبرر للفعل الشنيع الذي قامت به وتقوم به بشكل يومي طالما أنه يوفر لحكومة الملالي أملاً في الاستمرار فترة أطول.
إيران اعتبرت تصريحات عادية من مسؤولين غربيين تدخلاً في شؤونها، لكنها أبداً لن تعلق على ما أعلنت عنه مقدمة ذلك البرنامج المسيء على الهواء مباشرة عندما قالت بتحدٍ وإصرار إن تلك الفضائية «السوسة» هي «صوت الشعب البحريني» الذي وصفته بـ»المظلوم»، وهو ما يعني استمرار إيران في دعمها لذلك البعض الذي من الواضح أنه وضع بيضه كله في سلة الملالي ولايزال يعتقد أنه لن يلقى المصير نفسه الذي يلقاه كل يوم الآخرون الذين لا يوافقون تلك الحكومة على أفعالها الشنيعة، بدليل أن الأقلام انبرت لمهاجمة معالي رئيس مجلس النواب وكل من شارك في فعاليات المنتدى العربي الأول الذي عقد السبت الماضي في المنامة بعنوان «التهديدات الإيرانية للأمن الإنساني العربي» وتحت شعار «لا حقوق بلا أمن» والذي نظمته الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان. لا تفسير لتناقضات طهران سوى أنها تزداد ارتباكاً.