هل بالإمكان تكرار تجربة النائبين حمد الدوسري وجلال المحفوظ والبلديين فاطمة القطري وعبدالله الدوسري؟
أربعة.. اثنان شيعة، واثنان سنة، فتحوا مكتباً واحداً بمجلس واحد للمراجعين من أبناء دائرتين من منطقة البديع، وتحركوا في المجالس وفي الميادين كجسد واحد في منطقة مشتركة منذ مئات السنين بين سنة وشيعة عاشوا في ود وفي وئام إلى أن جاءت الجماعة المؤزمة ففرقتهم لمعسكرين يزيدي وحسيني ووترت العلاقة بين الطائفة الشيعية والسنية وبين الطائفة الشيعية والدولة.
منطقة بها المستويات المعيشية المتفاوتة من كلا الطائفتين، ففيها البسيط الفقير السني مثل ما فيها الغني الشيعي، وفيها أيضاً العكس، التفاوت المعيشي بين سكان المنطقة لم يقفل الأبواب ولم يحجز جاراً عن جاره. مثلها مثل النويدرات سابقاً والمحرق بالطبع، لم تكن هناك الحواجز التي تمنع فريق البنعلي عن باقي أهالي الحالة إلا بعد أن وجدت هذه الجماعة المؤزمة هناك، ولم يكن بين أهالي بني جمرة والبديع حواجز إلا بعد أن ظهرت الجماعات الدينية التي ترى نفسها أنها الفرقة الوحيدة الناجية. تجربة النائبين الدوسري والمحفوظ ومعها القطري والدوسري البلدي، تجربة تحاول أن تعيد للذاكرة الصورة الأصلية، وبغض النظر عن تقييم أدائهما النيابي والبلدي فذلك موضوع آخر، إلا أن تجربة الحراك السني الشيعي المشترك وحدها تستحق الإشادة وإلقاء الضوء عليها وتشجيعها والدعوة لتكرارها.
المجتمع البحريني بحاجة لخطوات عملية جادة لا رمزية وشكلية واحتفائية، للعمل المشترك بين أبناء الطائفتين، بحاجة لأن يروا فريق عمل من الطائفتين يحقق إنجازات، سواء كان هذا الفريق نيابياً أو بلدياً أو إعلامياً أو رياضياً أو تطوعياً، فتلك تجارب على الإعلام تسليط الضوء عليها والتركيز على زاوية العمل المشترك والتحرك الجماعي بعيداً عن الجمعيات المؤزمة وأصحاب الخطاب المؤزم، ودور مثل هذه التجارب في كسر الحواجز وإعادة اللحمة الوطنية. يحمل النائب المحفوظ شكاوى أهل البديع سنيهم قبل شيعيهم إلى المسؤولين ومثله يحمل حمد الدوسري شكاوى أبناء الشيعة، مثل هذه التجارب نحتاج أن نراها في بقية المناطق حتى يرى أبناء الجيل الجديد صورة رآها آباؤهم فقط ولم يروها هم ولا يصدقون أنها كانت موجودة. الأمر لا يحتاج إلى بيان أو تصريح يصدر من أبناء القرى يعلن عن فك الارتباط بينهم وبين الجماعات المؤزمة، الأمر يحتاج فقط إلى استبدال المحامين، أن يتحرك أبناء القرى بأنفسهم أولاً ويكونوا هم محامي أنفسهم، وأن يثقوا بجهات جديدة كهذه التي تضم سنة وشيعة كي تساعدهم.
كسر العزلة وإعادة تموضع أبناء الطائفة الشيعية يحتاج منهم هم التحرك والابتعاد قدر المستطاع عن أصحاب الخطاب المؤزم من رجال دين وسياسيين ومن صحيفة لا تتحرك إلا بنفس طائفي يضر ولا ينفع أصحاب الحق والمطالبين به.. ولن يطول الوقت حتى تتكسر ألواح الزجاج بين أبناء الطائفتين.