أعلنت كل دول العالم -وعلى وجه الخصوص الدول الأوروبية- حالة الطوارئ في مطاراتها وشوارعها ومنتزهاتها وساحاتها ومدارسها ومسارحها بسبب الخوف من وقوع هجمات إرهابية محتملة، فجميع الحكومات والدول والجهات الأمنية اليوم تقف متأهبة لكل ما هو سيء يمكن أن يطالها، فالأمن ليس نكتة أو نزهة في عرف الدول، فما شهدته أوروبا والكثير من دول العالم من عمليات إرهابية بشعة يحتم عليها أن تكون مستيقظة طوال الوقت، فالغفلة مكلفة.
بقدر الضيق الذي يشعره السائح أو المسافر حين توقفه السلطات الأمنية في الدول التي يقصدها من أجل التفتيش الدقيق والممل، سواء في المطارات أو المجمعات أو حتى عبر الطرقات، إلا أنه يشعر الإنسان بالأمن والطمأنينة بشكل كبير لأنه يدرك أن هذه الإجراءات الأمنية سوف تحفظ له حياته وتصونه من شرور الإرهاب، فالقصص التي نسمعها من العائدين إلى أرض الوطن وما تعرضوا له من إجراءات احترازية مشددة تدل على أن العالم بات مستيقظاً.
الكثير من الناس يتذمرون من الإجراءات الأمنية، سواء كانت في الداخل أو في الخارج، لكن بطبيعة الحال هي أفضل بكثير من حالات الاسترخاء والتراخي في ظل يقظة المجاميع الإرهابية التي تتحين الفرص لتنفيذ مخططاتها الدنيئة في كل مكان يمكن أن يسهو أصحابه عن أمنهم ولو للحظة واحدة، ولهذا لا يجب في هذه المرحلة أن «يتحلطم» البعض من الإجراءات الأمنية الاحترازية التي ربما تحفظ الأنفس والأرواح.
هذه القضية تفتح أعيننا على خطورة المجاميع الإرهابية والتكفيرية التي تتخذ الدين ذريعة لتنفيذ مخططاتها الشيطانية عبر العالم، فتحت مسميات وبسملات وتكبيرات وآيات وأحاديث تقوم تلكم الجماعات السياسية الدينية الراديكالية المتطرفة من تنفيذ أبشع العمليات الإرهابية ضد الآمنين من الأبرياء خصوصاً في أوروبا التي يعتبرونها حسب «أدبياتهم» بأنها من دول الشرك والكفر، ولهذا يجوز فيها سفك الدماء والقتل وكل ما له علاقة بفظاعات الإرهاب، ومع الأسف الشديد، فإن غالبية من يقوم بهذه العمليات هم من المهاجرين من دول الشرق الأوسط، حيث يخترقون كل قوانين الهجرة في أوروبا لتنفيذ إرهابهم باسم الإسلام، ولهذا أصبح ديننا اليوم محل شك وحساسية مفرطة في أوروبا بسبب هؤلاء الذين شوهوا الدين الحنيف.
ما يجب التأكيد عليه هنا، أنه لابد على حكومات وشعوب العالم ألا يتهاونوا مع الإرهابيين وأن يتقبلوا كل الإجراءات الأمنية التي تحفظ الأنفس من مخرجات الإرهاب، بل يجب على الناس أن تطالب بالمزيد من الإجراءات الأمنية التي تصون أرواحهم ومعتقداتهم وخصوصياتهم وحرياتهم في حال رأوا أن دولهم بدأت بالتراخي في هذا الموضوع الأكثر أهمية من بقية المواضيع الأخرى، وعلى الخصوص إذا كان الإرهاب يسكن معهم في غرفهم وشوارعهم ومجمعاتهم ومطاراتهم ومساجدهم ومنازلهم، فالأمن لا يمكن أن نصون نصفه أو ربعه ونترك بقيته للأقدار، فالأمن وحدة واحدة لا تتجزأ، وأمن الأبرياء خط أحمر.