يوم أمس نشرت الصحف البحرينية خبر ترؤس رئيس الأمن العام اللواء طارق حسن الحسن، الاجتماع الرابع للهيئة العليا للتمرين التعبوي المشترك للأجهزة الأمنية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «أمن الخليج العربي 1»، تنفيذاً لقرارات وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لرفع الجاهزية لدى الأجهزة المعنية للتعامل الفعال مع التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة.تذكرت حينها إحدى أهم النتائج التي توصلت لها مؤسسة راند الأمريكية والتي صدرت الشهر الماضي لتقديم توصياتها للإدارة الأمريكية الجديدة حول كيفية التعامل مع «الجماعات الدينية» السنية والشيعية في دول مجلس التعاون بعد فوضاهم غير الخلاقة.إذ اكتشفت «راند» بعد خراب البصرة وفشل مشروع الربيع العربي، أن هناك عاملاً وعنصراً مؤثراً في هذه المنطقة لم يأخذوه في الحسبان في الدراسات التي قدمت للإدارات الأمريكية السابقة حول مستقبل دول مجلس التعاون بعد سقوط أنظمتها، عاملاً لم يمنح حق قدره في دول مجلس التعاون، وهو «التماسك» بين دول المجلس بعضها بعضاً والتماسك بين الشعوب بأنظمتها في هذه الدول.صحيح أن هذا التمرين الذي سيعقد في البحرين هو للأجهزة الأمنية ويعد تفعيلاً إيجابياً للاتفاقية الأمنية المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي، تلك التي تنبأت بسقوطها، وصحيح أنه يأتي لتعزيز مستوى التنسيق والتعاون لمواجهة الأزمات والمواقف الطارئة، إضافة إلى تبادل الخبرات في مجال التخطيط والتنفيذ المشترك وتبادل المعلومات الأمنية واتخاذ القرارات المناسبة في حالات الأزمات والكوارث والطوارئ، إلا أن الأكثر صحة أن من هذا التمرين، هو تمرين آخر يجري بين هذه الشعوب وهذه الأنظمة يومياً وبشكل تلقائي دون اجتماع ودون تنسيق، تمرين لحلف لم تعرفوه كما يجب، يتجاوز جميع صور التعاون المشترك الأمني والعسكري.هذا التمرين الأمني المشترك الذي سيعقد على أرض البحرين، ما هو سوى قمة لجبل شامخ راسخ في المنطقة أعمدته وقاعدته التاريخ والدين والثقافة والصلات الاجتماعية بين الشعوب الخليجية بعضها بعضاً. انظروا لفزعاتنا كخليجيين حين غزا صدام الكويت لم يكن الأمر يحتاج لتمرين مسبق للكوارث، انظروا لفزعة أهلنا في الخليج لنا في البحرين حين حلمت إيران بالعبث في أمننا فإننا لم نحتج لتنسيق ولجان مشتركة كي ننظم هذه الفزعة، انظروا لحزننا في البحرين حين مات أبونا «بومتعب» في المملكة العربية السعودية، ذلك لم يصدر به أمر ملكي، انظروا لكمدنا حين صعدت أرواح الشهداء الإماراتيين لبارئها وكان كل واحد منهم ابناً لنا، لم نجتمع لنقرر كيف نعبر عن حبنا وروابطنا. هناك دماء إماراتية سالت على إسفلتنا دفاعاً عنا ودماء بحرينية سالت على الإسفلت الكويتي دفاعاً عنها، وذلك أمر طبيعي ومسألة لا نتعامل معها كعنصر جديد، إنه امتداد للتاريخ، ألم تكتشفوا أنكم تتعاملون مع كتلة متماسكة لا تعرفون عنها إلى الآن؟ ألا تعلمون أن تماسك الأنظمة أتى لاحقاً أتي مكملاً أتى استجابة لتماسك الكتلة الأكبر، والأكبر من جماعات دعمتموها تآمرت علينا لإسقاط دولنا؟حين يعقد هذا التمرين في البحرين ستجدون كل فرد خليجي أتى للبحرين من أجل التمرين يتصل بأبناء عمومته وأهله ليستكمل معهم أهم دعائم هذا التمرين وهي روابط الدم والرحم.اعتقدتم أن دولنا هرمة هشة غير متماسكة وأن الجماعات الدينية هي العماد الثابت فيها، وأخطأتم الحسابات، وضيعتم مصالحكم في المنطقة.. كحلوا أعينكم إذاً بالتمرين الذي نمارسه نحن أبناء الخليج يومياً دون أمر ودون تحضير ودون تهيئة لتعرفوا سر «التماسك» الذي لم تفهموه.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90