12 سنة من عمر الإنسان يقضيها الطالب في المدرسة، 12 سنة يتولد بل يتشكل لديه طموح ماذا سيكون عندما يكبر، ينهي الطالب مراحل الدارسة ليبدأ مشواراً جديداً من عمره في الجامعة ليحقق رغبته التي لطالما حلم بها.
كل مرحلة من مراحل الدراسة تبلور لدى الطالب الحقل الذي سيخدم به بلده ويحقق رغباته وطموحاته، ففي كل مرحلة ينضج حلمه أكثر فأكثر، فطموح المرحلة الابتدائية يتغير مع المرحلة الإعدادية وما بعدها الثانوية، أحياناً قد يغير الطالب مجال تخصصه في المرحلة الثانوية، وأحياناً يظل الحلم يراوده من طفولته حتى ينهي المدرسة، فإما أن يحقق ما تمناه في طفولته أو يخفق في تحقيقه، وربما يكتشف بعد سنوات الدراسة أن ميوله تبدل، وقد يخالف طموحات والديه، بمعنى آخر أنه سوف يدرس تخصصاً اختاره والده أو والدته، وهذه طامة كبرى، تخيل أن الطالب وهو في أول سنة دراسية له في الصف الأول الابتدائي تحديداً وأهله ينادونه بـ«دكتور» أو «مهندس» أو «ضابط»، ويظل هذا الحلم الصغير يكبر معه، ربما يتوفق بعد ذلك وربما يصطدم بعد أن ينهي دراسته الجامعية ويكتشف بأنه كان يحمل طوال هذه السنوات حلم أحد أفراد أسرته.
الدراسة الجامعية في المجال المحبب لدى الطالب أشبه ما يكون بتحديد مصير مستقبل عظيم ومستقبل قادم له ولأفراد أسرته بعد ذلك، اختيار مجال التخصص هو أصعب مرحلة من مراحل عمر الطالب قد يتوفق في الاختيار أو قد يخفق في تحقيق ما يصبو إليه، ربما يعود لأسباب عديدة منها:
ألا يجد الطالب من يرشده إلى التخصص المناسب له أو كما ذكرت سابقاً رغبة الوالدين في دراسة معنية يجدونها مناسبه له وهو قد لا يريد هذا المجال إما بسبب تعارض رغبته أو أن تكون هذه الدراسة أعلى من قدراته ومهاراته أو بسبب مدى حاجة سوق العمل لهذا التخصص وفرص العمل المتاحة بعد الدراسة، والطالب الذي يخفق في إيجاد كلية تشبع طموحه وحلمه يكون بعدها أشبه بالضائع، هو كمن يريد أن يحصل على شهادة «وبس» لا يهتم بالتحصيل العلمي، وهذا بالتأكيد سوف يؤثر على مخرجات ضعيفة من ناحية التعلم والعمل، خصوصاً عندما لا يسعى الطالب للاستفادة من العلم الذي يتلقاه، فتراه مستهتراً لا يواظب على الحضور ولا يبذل جهداً في التحصيل الدراسي، ولا شك أنه سيكون بعد التخرج وبعد أن يتوظف إنساناً غير جاد وغير منتج وغير فاعل في مجال عمله، همه الراتب والإجازات فقط.
النقطة التي أريد أن تصل هي أن المسؤولية تقع على الجميع في اختيار الطالب مسار دراسته الجامعية، الأهل هم المرشد الأول للطالب في تحديد مستقبل أبنائهم، أحياناً يكون التوجيه في محله وأحياناً يكون اختيار الطالب مساره هو الأنسب، من الضروري الجلوس مع الأبناء أو البنات لمعرفة ميولهم الدراسية وقدراتهم ومهاراتهم، فالمسار الصحيح يعني مستقبلاً واضحاً، وتأتي مسؤولية المدرسة بعد ذلك في التوجيه والزيارات الميدانية للجامعات بدءاً من الصف الأول الثانوي وهذا بحد ذاته يفتح مدارك الطالب لمعرفة أين سيكون بعد الثانوية العامة، من المهم أن توفر وزارة التربية والتعليم وبعض المؤسسات التي تمنح الطلاب البعثات الجامعية فرص اختيار الطالب رغبته الأولى في التخصص وأن تتعاون كل الجهات مع الطلبة للحصول على بعثة أو منحة دراسية مناسبة، ففي المحصلة سوف تعود الفائدة على المجتمع وعلى الوطن من هذا الاختيار، والثقة عند الاختيار تعني الكثير للطالب، أرشدوهم إلى المسار الصحيح ولا تضغطوا عليهم لتحقيق رغباتكم. مع تمنياتنا القلبية لجميع الطلبة في الاختيار الصحيح والمناسب.