هل تعلم -وفقاً لإحصائية الأمم المتحدة- بأنه مازال يعيش 1.2 مليار شخص في فقر مدقع؟ وأنه يعيش واحد من كل خمسة أشخاص في المناطق النامية على أقل من 1.25 دولار يومياً؟
ولقد عرّفت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الفقر بأنه: ظرف إنساني يتسم بالحرمان المستدام أو المزمن من الموارد، والمقدرات والخيارات، والأمن والقوة الضرورية للتمتع بمستوى لائق للحياة وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
إن الفقر هو أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل والموارد ضماناً لمصدر رزق مستدام، حيث إن ظلامه يمتد ليشمل الجوع وسوء التغذية، وضآلة إمكانية الحصول على التعليم وغيره من الخدمات الأساسية، والتمييز الاجتماعي، والاستبعاد من المجتمع، علاوة على عدم المشاركة في اتخاذ القرارات.
فلذلك، يجب أن نحمد الله تعالى عن نعمة وجود الوطن الذي يؤوينا بكل حب للتمتع بخيراته أدامها الله علينا جميعاً، ونعمة الأمن والأمان بوجود البواسل الأمنية الممثلة في وزارة الداخلية.. الأسود الذين يحموننا من براثن الخبث غير الشريفة.. ونعمة التعليم التي تقدمها وزارة التربية والتعليم، ونعمة الصحة التي تساندنا فيها وزارة الصحة، وكل النعم التي ننعم بها برحمة الله سبحانه وتعالى في وطن يحتضننا ويكفل لنا المستوى المعيشي اللائق بكرامتنا الإنسانية، بخلاف بعض الدول التي تقوم أصلاً بالاتجار بمواطنيها في سبيل تكوين ثرواتها غير المشروعة.
وبالتالي ينبغي علينا أن نردد دائماً دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك». ونحمد الله كثيراً بأننا لم نكن من ضمن الـ32 ألفاً الذين تركوا منازلهم للحماية من جراء النزاعات، طالبين الأمن والأمان والاستقرار في أية بقعة من بقاع الأرض.
والجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة تحتفي بيوم الشباب الدولي في تاريخ 12 أغسطس من كل عام، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم «120/54» لسنة 1999 عملاً بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب المنعقد في الفترة 8-12 أغسطس 1998.
وقد تقرر أن يكون موضوع يوم الشباب الدولي لهذا العام القضاء على الفقر وتحقيق الاستهلاك والإنتاج المستدامين، مما يركز على الدور القيادي للشباب لضمان القضاء على الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويعنى الاستهلاك المستدام باستخدام المنتجات والخدمات التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمجتمعات، والعمل على تقليل النفايات والتلوث، والمساهمة في كل ما من شأنه تنمية الموارد الطبيعية لضمان استدامتها للأجيال القادمة.
وفي هذا المحفل، لن أقوم بالتسخط على مملكة البحرين تلك الأم الحنون والمطالبة بالوظائف الخضراء والآليات البيئية الحديثة وما إلى ذلك من الوسائل التي تساهم في استئصال الفقر، بل أريد أن نركز على أنفسنا نحن الشباب، وأثير بعض التساؤلات التي تجعلنا نقوم بإعادة تدوير استهلاكنا القادم بإذن الله.. ماذا فعلنا من أجل استئصال الفقر ومساندة مملكتنا في ذلك؟ هل نقوم بتعزيز وزرع حب التعلم والطموح والأمل والتحدي في بعضنا بعضاً، أم نقوم فقط بإثراء حياتنا بالسلبيات التي لا تنتهي، ومن ثم ترك القطار بغنائمه يجرى لأعدائنا الذي يترقبونه ويترصدونه من أجل احتكار كل غنائمه واستغلاله فيما بينهم بما يضرنا ولا ينفعنا؟
هل نشتري كل ما طاب ولذ وبما يواكب الترف الفكري أم بما يشكل ضرورة أساسية تقتضيها معيشتنا؟ هل لدينا تلك النزعة الأصيلة لمتابعة متطلبات الفقراء والمحتاجين؟ أم كنا طعماً سهلاً لوسائل التواصل الاجتماعي، للقيام بشراء بوفيه من الأكلات لمجرد تصويرها ومن ثم تركها على الطاولة، والاتجاه إلى تصوير آخر لأطباق أخرى في مطاعم أخرى، أو الاكتفاء بالتباهي بطلب خمسة أطباق لكل فرد منا من أجل ملء فراغ الطاولة فقط، ولنعبر عن إسرافنا اللامحدود في تمثيل كل فرد منا بخمسة أشخاص في الأكل شكلاً؟
وإنه لشيء يدعو إلى الفخر والاعتزاز بمؤسسات الدولة التي تقوم بتشجيع التنمية البشرية والتوعية بحقوقها منعاً لتركها لبراثن الاستغلال والضعف والفقر، وتجعلها من أولويات أهدافها التي تحرص على السهر من أجل تحقيق الإنجاز فيها، كما يقوم بذلك المجلس الأعلى للمرأة، ووزارة شؤون الشباب والرياضة، إلى جانب الجهود المثمرة التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات الشبابية.
ونختم مقالنا بأن الفقر ليس دائماً هو الافتقار إلى الموارد الأساسية للحياة، فهناك فقر في الأخلاق أيضاً، وأن بعضهم بحاجة إلى الأخلاق.. أكثر من الماء والخبز.