جاء في توصيات وتساؤلات الدراسة القيمة التي أنجزها الدكتور أشرف كشك وصدرت في الربع الأول من العام الحالي عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة بعنوان «توتر العلاقات الإيرانية الخليجية.. الأسباب والتداعيات وآليات المواجهة» أنه من المهم دراسة الداخل الإيراني لأن أي تطورات مستقبلية في إيران سيكون لها انعكاسات على سياستها تجاه دول مجلس التعاون، كما يجب بشكل خاص دراسة تأثير الانفتاح الإيراني على الغرب على الداخل الإيراني، وكذلك معرفة كيفية التوفيق بين أيديولوجية النظام الإيراني ومستجدات تلك العلاقة، منبهاً إلى أن هذا يتطلب دراسة مكونات المجتمع الإيراني وطبيعة العلاقة فيما بينها، من خلال معرفة ما يصدر في هذا الشأن من دراسات وخاصة باللغة الفارسية.
توصية مهمة ينبغي عدم التأخر عن الأخذ بها وترجمتها إلى عمل، فلكي تعرف عدوك أو خصمك فإن عليك أن تدرسه جيداً وتدرس تحركاته وعلاقاته وتعرف تأثير كل ذلك وكل جديد لديه على مكوناته وحياته اليومية، فمن دون هذا لن تتمكن من التعامل معه بالأسلوب الذي يوفر لك أسباب الانتصار عليه أو على الأقل عدم جعله ينتصر عليك.
مع التطورات التي تشهدها المنطقة والتحرك الإيراني المكشوف والرامي إلى السيطرة عليها صارت مسألة دراسة كل ما يتعلق بهذا الجار الضار مهمة، وأول ذلك معرفة لغته، فمن تعلم لغة قوم أمن شرهم، ولأن الكثير من الشر يأتي للأسف من إيران لذا فإن تعلم اللغة الفارسية بات أمراً واجباً على المعنيين بمتابعة الشأن الإيراني وباتت دراسة كل ما يصدر في إيران بلغتها مسألة أكثر من مهمة.
مهم جداً في هذه المرحلة، أو بالأحرى اعتباراً من هذه المرحلة، دراسة كل شيء عن إيران بهدف التوصل إلى معرفة كيفية تفكير من بيده القرار في هذا البلد، بل معرفة التفاصيل ودقائق الأمور، فهذا الأمر يتيح معرفة تأثير كل ما تقوم به حكومة الملالي هناك على الداخل الإيراني، فهذه المعرفة ينتج عنها تبين الثغرات والتناقضات وتبين تأثير كل ما يقوم به النظام على الداخل الإيراني وخصوصاً على من يتخذ منها موقفاً سالباً.
في إيران يتوفر اليوم الكثيرون الذين يرفضون النظام الإيراني وينتظرون الفرصة لإسقاطه «الشعب الأحوازي المظلوم مثالاً وازدياد أعداد المعارضين على اختلافهم مثالاً آخر»، وفي إيران يتوفر الكثيرون الذين بإمكانهم أن يوفروا لدول مجلس التعاون ما تشاء من معلومات تعينها على فهم ما يدور في الداخل الإيراني، وفي إيران الكثير من الأسرار التي يمكن الوصول إليها لو تمكنا من معرفة اللغة الفارسية التي يمكن توظيفها أيضاً في إنشاء فضائيات تتناول تطورات الأحداث في إيران بالطريقة نفسها التي تتناول فيها الفضائيات الإيرانية الأحداث في بلداننا الخليجية عبر فضائياتها المرسومة أهدافها بدقة.
التوصيات الأخرى التي اختتم بها الباحث أشرف كشك دراسته المتميزة لا تقل أهمية عن هذه التوصية، حيث دعا أولاً إلى الحرص على عدم تعارض سياسات دول مجلس التعاون مع المصالح الخليجية المشتركة كي لا تتمكن إيران من النفاذ من خلال التباينات وكي يتم توصيل رسالة إليها مفادها أن دول مجلس التعاون كتلة واحدة وليست دولاً متفرقة، كما دعا إلى أن يكون لدول مجلس التعاون زمام المبادرة في الأزمات التي تواجهها دول الجوار والتي لإيران نفوذ واضح فيها وخصوصاً اليمن، وأيضاً مواجهة الإعلام الإيراني باستراتيجية إعلامية متعددة المضامين والمراحل وألا تكون رد فعل وقتياً، بالإضافة إلى توصيتين أخريين مهمتين أيضاً؛ الأولى تدعو إلى التركيز على تحقيق توازن القوى بين ضفتي الخليج، والثانية الأخذ في الاعتبار تطورات الدائرة الدولية وتأثيرها على معادلة الأمن الإقليمي.