كلما هممت أن أتناول موضوعاً بعيداً عن المكر الإيراني وإسقاطات وسقطات أذنابهم من الخونة والعملاء والذين تسلطوا على رقاب بعض من شعوبنا العربية، إلا أنه تقفز إلى واجهة الأخبار والمصائب القادمة من العراق إما جريمة بحق الإنسانية أو فضيحة من العيار الثقيل تعود بي القهقرى عن تناول موضوع آخر بعيداً عن الانتهاكات الإيرانية والتي يجب رصد وفضح كل تحركاتها المشبوهة لتحصين شعوبنا من زيغهم وكيدهم.من يرتمي بأحضان ملالي إيران ويمتهن الخيانة سيهون عليه بعدها الغدر وتعاطي كل أمر قبيح واقتراف الفاحشة والمنكر والعدوان. لكن أن يصل الحد بمن تخلى عن أخلاقه وباع دينه ووطنه أن يطعن بعرضه والتشهير بأهله إرضاءً لأسياده!! فهذا ما لم نسمع عنه ولم تقصه علينا الروايات ولا حتى ورد في أساطير الأولين.لا تستغربوا سادتي من كلامي هذا الذي تشيب له الرؤوس وتقشعر منه الأبدان!!فهذا ما اقترفه أحد أعمدة الحكم من عملاء ملالي قم ضد أهله بافتراء الأكاذيب وتضليل الرأي العام حين اتهم حرائر نينوى العفيفات الشريفات بالفاحشة ليدغدغ مشاعر ولي نعمته وليحتفظ مدة أطول بمنصبه!! إنه المدعو «نوفل العاكوب»/ محافظ نينوى والذي يمارس أعماله من أربيل كمحافظ شكلي لا سلطة له إلا على نفسه كون أن تلك المحافظة سلمها أسياده بمؤامرة دنيئة لتنظيم داعش في بدايات شهر جون من العام 2014 وليتخذها الأخير عاصمة له وليعزلها عن العالم ويوقف فيها التعليم وكل مناحي الحياة الكريمة ومازالت ترزح تحت حكمهم. لقد أراد ذلك النكرة بتصريحه أن يوهم العالم أنه مطلع على أحوال الرعية ولديه الإحصائيات والبيانات الدقيقة لكل المتغيرات التي أحدثها تنظيم داعش منذ دخوله المدينة ولغاية الساعة ليضمن مقعده بعد تحريرها كمحافظ لها وخبير ضليع بحالها خصوصاً أن المعركة باتت قريبة وأن القطعات العسكرية وقوات البيشمركة والحشد تحيط بها من كل حدب وصوب!لقد شارك ذلك المحافظ الذي لم يحافظ على هيبة منصبه في مؤتمر عقد في العاصمة العراقية بغداد الأسبوع الماضي مكرس لمحاربة الإرهاب وألقى كلمته المريبة، حيث كان يبدو عليه الارتباك وكان يتلو بياناً أو خطاباً مكتوباً بلغة مفككة وركيكة، فلقد وجه قنبلة من العيار الثقيل عندما وجه أصابع الاتهام إلى حرائر نينوى قائلاً:«هنالك آلاف من الأطفال من مجهولي النسب أفرزهم جهاد النكاح مع عناصر داعش داخل المحافظة».والحقيقة أن هذا التجاوز والاتهام الخطير ليس موجهاً إلى حرائر نينوى فحسب بل هو خنجر مسموم أراد به ذلك النكرة غرزه في شرف جميع أهل السنة في العراق بل العالم الإسلامي بأسره، حيث كما هو معلوم أن داعش قد اجتاحت جميع المحافظات السنية والكثير من الدول العربية والإسلامية.وما يثير الاستهجان والاستغراب أن ذلك التصريح لم يصدر من مجوسي أو من قائد حشد أو ميليشيا أو ممن له ثأر قديم بل صدر ممن يدعي أنه ابن المدينة وولد من رحمها ويتعبد بنفس مذهب أهلها إن بقي لديه شيء من الغيرة وقدسية الدين وتعاليم المذهب! إن أول من استخدم مصطلح «جهاد النكاح» كان أحد صحفيي نظام الطاغية بشار الأسد لضرب المعارضة وتشويه صورتها مع بدايات انطلاقها ثم تلقطت الكلمة وسائل الإعلام وأصبحت عابرة للحدود، ولقد وظفها الأعداء لمآربهم لتشويه أعظم شعيرتين في الإسلام فـ«الجهاد» هو مقارعة الظلم والطغيان وهو سنام الإسلام وبه انتشرت كلمة الله وعم العدل والسلام، أما عن كلمة «النكاح» فهو أعظم رابط يجمع بين الرجل والمرأة لتأسيس أسرة متماسكة ويقضي على الانحراف والرذيلة ويصون حقوق المرأة ويخرجها من الرق والعبودية والامتهان.فأراد من ربط الكلمتين ببعضهما تشويه صورة الجهاد الذي هو الحق المشروع للمظلوم الذي انتفض على الظالم وإظهاره بأنه منحرف ولم ينتفض إلا لإشباع غريزته.وبالرغم من أن أفراد داعش ارتكبوا الجرائم البشعة بحق المدن السنية التي اجتاحوها إلا أن سياستهم في التعامل مع أهل المدينة كانت واضحة وهي متطابقة في كل مدينة وقرية وقضاء يحطون فيه.فكان تعاملهم مع النصارى هو بالخيار فإما إشهار إسلامهم أو دفع الفدية أو مغادرة المدينة، فغادر جميعهم تقريباً مدينة الموصل إلى كردستان، ولقد وقع عليهم جور وظلم كبير في الاستحواذ على دورهم وممتلكاتهم بغير وجه حق، وهذا ليس من الإسلام في شيء.أما التعامل مع الإيزيدية والذين يتواجدون كمجاميع سكانية متمركزة في أقضية بعشيقة والشيخان وسنجار فلم يخيروهم بل أشهروا في وجههم السيف وسبوا نساءهم واتخذوهم جواري لهم بل أقيمت أسواق لبيعهم وتم نقل العشرات منهن إلى مناطق نفوذهم في سوريا!!وبما أن الغالبية العظمى من أهل المحافظة يدينون بالإسلام ويتعبدون بالمذهب الحنفي، فلقد فرضوا عليهم تعليمات مشددة في الزي واللباس ومنعوا عن شبابهم عادات وممارسات يومية كالدخان والشيشة وارتياد المقاهي وحددوا لهم حتى نوع الحلاقة وفرضوا عليهم إعفاء اللحى، وآخر تضييق لهم هو قيامهم بحجب خدمة النت ومصادرة الصحون اللاقطة، لكن لم نسمع أنهم أجبروا العوائل على تزويج بناتهم من عناصرهم وإلى وقت قريب كانت المدينة متواصلة مع العالم عن طريق الإنترنت وكانت المئات من العوائل غادرت المدينة تحت جنح الليل بل وصل العديد منهم إلى عواصم العالم وتكلموا وشرحوا للملأ معاناتهم مع داعش في لقاءات بثت على الفضائيات ونشرت في كبريات الصحف والمجلات وبينوا مدى ظلمهم وتخلفهم، لكن لم نسجل ولم نسمع أن صرح أحد بأن أي بنت عفيفة أو امرأة مسلمة اغتصبت أو أجبرت على الزواج من أفراد التنظيم وبالكيفية التي يراد منها تشوية سمعة نساء المدينة.في حين علم العالم أجمع عن حالات الاعتداء والسبي والاغتصاب والمتاجرة التي وقعت على بنات ونساء الإيزيدية ظلماً ولم ينكرها داعش ولم يخفيها الإيزيديون علماً أن عددهم كأقلية لا يتجاوز الـ200 ألف في تلك المناطق كحد أقصى، فليس من المعقول أن يحصل ذلك الانتهاك الخطير الذي أراد ذلك المحافظ المسخ أن يلصقه بحرائر نينوى ولم تشتكِ عائلة واحدة ولم تحرك دعوى قضائية لحد اليوم ليس في الموصل فحسب بل في كل المحافظات السنية القابعة تحت حكمهم أو المحررة والمستردة منهم كما يدعون.وأخيراً، إن كانت هنالك ذرة من غيرة متبقية في عقول من يحكم العراق ولا أستثني منهم أحداً شيعة وسنة وأكراداً، فلقد طعن ذلك الدعي بالأنساب وهتك الأعراض وهذا عار لا يغسله تنديد واستنكار بل التحرك فوراً بإقالته من منصبه هذا وسوقه مكبلاً إلى المحاكم قبل أن تتحول إلى حملة خبيثة منظمة ومن حق كل امرأة عراقية حرة أبية إقامة دعوى قذف وطلب استرداد الكرامة والتعويض النفسي والمادي وإنزال أشد العقوبات بحقه. إن الذي فقد غيرته فالأمانة هي أهون عليه في التفريط فيها فيجب عزله، فإن تسترت عليه كتلته وتقاعس القضاء عنه فالشعب والحرائر يعرفون دينهم ويعرفون جيداً كيف يقتصون منه بإقامة حد الله عليه بقذفه المؤمنات الغافلات بغير ما اكتسبن.